للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النوع السابع عشر: في زياد الثقة]

إذا تفرد الراوي بزيادة في الحديث عن بقية الرواة عن شيخ لهم، وهذا هو الذي يعبر عنه بزيادة الثقة، فهل هي مقبولة أو لا؟ فيه خلاف مشهور، فحكى الخطيب عن أكثر الفقهاء قبولها، وردها أكثر المحدثين.

ومن الناس من قال: إن اتحد مجلس السماع لم تقبل، وإن تعدد قبلت، ومنهم من قال: تقبل الزيادة إذا كانت من غير الراوي بخلاف ما إذا نشط فرواها تارة وأسقطها أخرى.

ومنهم من قال: إن كانت مخالفة في الحكم لما رواه الباقون لم تقبل، وإلا قبلت، كما لو تفرد بالحديث كله فإنه يقبل تفرده به إذا كان ثقة ضابطا أو حافظا.

وقد حكى الخطيب على ذلك الإجماع، وقد مثل الشيخ أبو عامر على ذلك لزيادة الثقة في حديث مالك عن نافع عن عمر -رضي الله عنهما-: ? أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر وعبد ذكر أو أنثى من المسلمين ?.

فقوله: "من المسلمين" من زيادات مالك عن نافع، وقد زعم الترمذي أن مالكا تفرد بها، وسكت أبو عمر على ذلك ولم يتفرد به مالك، وقد رواها مسلم من طريق الضحاك عن عثمان عن نافع كما رواها مالك، وكذا رواها البخاري وأبو داود والنسائي، من طريق عمر بن نافع عن أبيه كمالك.

قال: ومن أمثلة ذلك حديث: ? جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ? تفرد به مالك عن سعد بن طارق الأشجعي بزيادة: ? وتربتها طهورا ? عن ربعي بن حراش عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه مسلم وابن خزيمة وأبو عوانة الإسفراييني في صحاحهم من حديثه.

وذكر أن الخلاف في الوصل والإرسال كالخلاف في قبول زيادة الثقة.

نعم، هذا موضوع زيادة الثقة ابتدأه ابن كثير -رحمه الله- بتعريف زيادة الثقة، قال: إذا تفرد الراوي بزيادة في الحديث عن بقية الرواة عن شيخ لهم، وهذا الذي يعبر عنه بزياد الثقة، هذا هو التعريف.

تعريف زيادة الثقة حسب ما ذكره ابن كثير الآن ما هو؟ أن يتفرد راو بزيادة في متن الحديث لم يذكرها غيره من أصحابه الثقات، ثم هذا بالنسبة للتعريف، وذكر عددا من الأمثلة: ذكر ابن الصلاح، وتبعه ابن كثير.

<<  <   >  >>