للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الرابع: الإعتاق]

الإعتاق

Emancipation

كلمة «إمانسبيشن emancipation» الإنجليزية يمكن أن تُترجَم إما بكلمة «عتق» أو «إعتاق» ونستعمل في هذه الموسوعة مصطلح «إعتاق» كما في عبارة «إعتاق الأقنان في روسيا القيصرية» على أساس أن عملية تحرير اليهود قد تمت، لا بمبادرة من أعضاء الجماعات اليهودية، وإنما نتيجةً لحركيات اجتماعية وسياسية عامة داخل المجتمعات الغربية، كما أن التحرر والتحديث كانا يُفرَضان في كثير من الأحيان فرضاً على أعضاء الجماعات اليهودية، وبخاصة في شرق أوربا. ولفظة «الإعتاق» من الفعل المتعدي «أعتق» الذي يفيد وقوع الفعل على العبد (مثلاً (.

وحركة الإعتاق هي ثمرة تطبيق قيم حركة الاستنارة الأوربية ومُثُلها على أعضاء الجماعات اليهودية كالتسامح، والمساواة بين البشر، والإيمان بأن الإنسان نتاج بيئته وليس مولوداً بكل صفاته، والإيمان بأن العقل هو المصدر الأساسي وربما الوحيد للمعرفة.

وحركة الإعتاق هي في جوهرها حركة تحديث للمجتمع ككل، بما في ذلك أقلياته. لكن إعتاق اليهود لم يكن شيئاً فريداً نادراً أو مقصوراً عليهم وإنما كان جزءاً من حركة عامة في أوربا في القرن التاسع عشر الميلادي وتضم أقليات وفئات أخرى كثيرة: الزنوج، والنساء، والأقنان، والكاثوليك في البلاد البروتستانتية، والبروتستانت في البلاد الكاثوليكية. وقد حصل أعضاء هذه الأقليات على حقوقهم كاملة كمواطنين. ولكن الدولة القومية العلمانية الحديثة التي حوَّلت نفسها إلى المطلق الأوحد، وفصلت نفسها عن الدين، وعن القيم المطلقة بشكل عام، منحتهم هذه الحقوق، ثم طلبت إليهم أن يقوموا بدورهم بفصل حياتهم داخل الدولة (كمواطنين) عن انتماءاتهم الدينية، أو عن أية انتماءات قد تتعارض مع الانتماء القومي. أما اليهود، فقد كان عليهم أن يتخلوا عن خصوصيتهم الإثنية الدينية وانعزاليتهم التقليدية وعن ولائهم الغامض إلى أرض الميعاد البعيدة مقابل أن يصبحوا مواطنين لهم كل الحقوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>