للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحلام.. وأحزان

ومن الطريف أن الدكتور "عبد الرحيم" كان حريصا في فترات الإجازة التي يقضيها في مصر على الذهاب يوميا إلى خزائن المحفوظات من أرشيف للشهر العقاري أو دار الوثائق المصرية ليفتح أبوابها مع موظفيها في الصباح الباكر، ويعكف بعدها على جمع وتصنيف وتحقيق وتصوير الوثائق حتى مواعيد الانصراف الرسمية.

وتؤكد تلميذته الدكتورة "إلهام ذهني" رئيسة قسم التاريخ بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر أنها تعلمت الكثير من الدكتور "عبد الرحيم" علميًّا وإنسانيًّا، وتقول: وقد أعطاني مؤخرا مخطوطا أهداه للمهتمين بالتاريخ المصري من بداية العصر الإسلامي وحتى الربع الأول من القرن السابع عشر، وهو للإسحاقي بعنوان: "لطائف أخبار الأول في من تصرف في مصر من أرباب الدول"، وتحقيق تلك المخطوطات يتطلب الإحاطة بالحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى الجهد المبذول في كشاف الأعلام والبلدان.

وتشير إلى أنه كان يعمل بجد واجتهاد لجمع فصول من تاريخ مصر الاجتماعي في العصر العثماني وموضوعات أخرى اجتذبته للبحث والدراسة، رغم الصعوبات التي واجهها، منها صعوبة القراءة للمخطوطات العثمانية القديمة في أجواء غير صحية غالبا ما تترك أثرا على من يطالعها.

وكان "عبد الرحيم" عضوا في العديد من الجمعيات التاريخية المحلية والعربية والعالمية، كالجمعية المصرية للدراسات التاريخية، واللجنة العربية للدراسات العثمانية، واللجنة العالمية للدراسات الموريسكية، واللجنة العالمية لدراسة تاريخ ووثائق بلاد البلقان التابعة لليونسكو.

وأشرف على عديد من رسائل الماجستير والدكتوراة بجامعتي الأزهر والقاهرة، علاوة على المشاركة في مناقشة العديد من رسائل جامعية أخرى في جامعات دمشق وتونس والإسكندرية والقاهرة وعين شمس والأزهر وأسيوط والزقازيق وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض وكلية التربية بجدة وكلية الدراسات الإنسانية بالكويت.

وفي منزله الكائن بمدينة نصر التقيت بأسرته التي تحدثت عن أحلام الراحل التي كان من بينها عقد صالون ثقافي أسبوعي كان يخطط لإقامته فور استقراره بالقاهرة، وتخصيص الطابق الأرضي بالكامل من منزله لإقامة مكتبة متخصصة مفتوحة للدارسين بالمجان؛ وهو الأمر الذي تفكر الأسرة في تنفيذه بالتعاون مع صديق الأسرة الدكتور "صابر عرب" مدير دار الوثائق القومية، على أن يتم تخصيص قاعة لمكتبة الراحل النادرة في المكان الذي كان يشهد مكوثه لأسابيع وشهور لتحقيق كتاب أو التوثيق لمخطوطة.

ومن مفارقات القدر، مشاركته في إبريل ٢٠٠٥م -أي قبل وفاته بعدة شهور- في مؤتمر حول الدراسات الاجتماعية والاستشراقية احتفالا بالمستشرق الفرنسي "أندريه ريمون" بمناسبة صدور الترجمة الكاملة لمجلديه عن "الحرفيون والتجار بالقاهرة في القرن الثامن عشر"، في الوقت الذي لم يحصل هو فيه نفسه على التكريم اللائق بعشرات الكتب والدراسات المتميزة التي أضافت جديدا لمنهج وأسلوب دراسات التاريخ المعاصر.


المصدر: موقع إسلام أون لاين: www.islam-online.net

<<  <   >  >>