للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقيقة القرآنيين وردود العلماء عليهم]

إن الفتنة التي تطل برأسها الآن، هي: فتنة القرآنيين الذين لا يثبتون السنة، إلا من حيث الجملة، أي: أن هناك سنة والنبي عليه الصلاة والسلام تكلم بأحاديث، لكن ليس على سبيل التفصيل، فينكرون الأشياء التي كانت معلومة ومستقرة عند أسلافنا، وهم الذين يقولون: حسبنا القرآن، وقد تولى علماء السنة أهل الحديث الرد عليهم، وغزوهم في معاقلهم، وذلك عندما كان العلماء متوافرين، فقد كانوا يغزون معاقل هؤلاء، ويرجعون مظفرين، لكن الآن لا يوجد لدينا طائفة الفرسان الذين يهاجمون، أو الذين تحققوا من علم السنة جملة وتفصيلاً.

الآن يأتي رجل ويخرج علينا برأي سقيم، ويرد عليه كل العلماء، يقول: إن الله تبارك وتعالى قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:١٩٧] ، وقد أجمع أهل العلم على أن أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، والقرآن لم يحدد يوم عرفات، ويكون في الحج زحام شديد، حيث يحج اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة ملايين، فهذا يؤدي أحياناً إلى الموت من شدة الزحام، فإذا كان الحج يبتدئ من شوال، والإنسان المتمتع مثلاً إذا أراد الحج من عامه وأتى بالعمرة التي هي بين يدي الحج في أول شوال فيتحلل وينتظر إلى يوم التروية، ثم يهل بالحج، فما بين عمرته وما بين إهلاله بالحج شهران وثمانية أيام، وهذا يعتبر داخل في الحج، فما هو المانع إذا كان القرآن لم يحدد لنا يوم عرفة أن نقدمه، طالما أن شهر شوال من أشهر الحج، لماذا لا يكون فيه يوم عرفة وعيد؟! بحيث نقول: إن على أهل شرق آسيا أن يحجوا في شوال، وعلى دول المغرب والشرق الأوسط أن يحجوا مثلاً في ذي القعدة، وبلاد الأعاجم في ذي الحجة وهكذا، فيصبح عندنا سبعون يوم عرفة، وسبعون عيداً، طالما أن القرآن لم يحدد يوم عرفة.

هذا رأي رجل حقير جداً، ومع ذلك يشغل الرأي العام، وينبري له أكبر الرءوس العلمية في الكلية الشرعية، هذا ما ينبغي أن يرد عليه أصلاً، ولا ينبغي أن تصبح المسألة قضية، فإن كون المسألة تصبح قضية فهذه هي الخطورة في الموضوع، لأن القضية كلها ساقطة ليس لها قيمة على الإطلاق، أفكلما نعق ناعق يقف كل هؤلاء العلماء طابوراً ليردوا عليه؟! ويقولون: لا تتعصبوا، يجب أن تفتحوا صدوركم للرأي والرأي الآخر! حتى لو كان كفراً!! وهذه امرأة شمطاء تجاوزت سبعين سنة، قالت: لقد كسبنا الجولة الأولى، وهي أنه تم إصدار قانون بمنع ختان الإناث، تقول: وأنا الآن أطالب بمنع ختان الرجال، انظر يا أخي إلى قلة الحياء! هذه المرأة هي التي تطالب بمنع ختان الرجال!! ويقوم العلماء بالرد عليها، ويشغلون الناس بمثل هذه الآراء التافهة الساقطة، مثل ما تفعل المخابرات الأمريكية عندما تحب أن تعمل مصيبة في العالم، تخترع قصة وهمية، ويقوم أفحل العلماء الذين لا يشك أحد في مصداقيتهم من أهل علمهم ويتكلم فيها، مثل: الأطباق الطائرة، أو رجل طويل نازل على طبق ونازل على البحر الميت.

وقال شهود عيان ورأينا وسمعنا وكلمنا وكلمناهم ويقول عالمهم: هذه ظاهرة علمية حقيقية، ونحن نصدق هؤلاء في كل ما يقولون، وإذا اعترض أحد منا على هذا الكلام، قالوا: أنت لا تصدق شيئاً، وهذا ليس من تخصصك.

نقول: وأنت الذي اعتمدت على شهرتك أنكرت الشفاعة، وقلت: إن الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها مكذوبة، وأنت لا تفقه شيئاً في علم الحديث، ولا في قبول الروايات ولا ردها، ولا تعرف كيف يقبل العلماء الحديث وكيف يصححونه؟! فلماذا تعديت على تخصص هؤلاء، وجزمت بأن كل ما ورد في السنة أو السيرة من الأحاديث التي تتحدث عن شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم للعصاة يوم القيامة غير صحيحة، وهي عند أهل العلم ثابتة ولا يشك فيها أحد؟! لماذا لم تحترم التخصص وتأتي البيوت من أبوابها؟ مثلما تأتي البيوت من أبوابها في عالم الحيوان، وعالم الإيمان وعالم النبات وغيرها، وتقول: إن العالم الفلاني قال كذا، والعالم العلاني قال كذا، ولا تتجاوز اختصاص هؤلاء، فهلا عرجت على واحد من أهل الاختصاص في معرفة الحديث الصحيح والضعيف، وقلت: إن العالم الفلاني قال: إن الحديث ضعيف، وكنت قادراً على أن تثبت حجتك؟! لماذا لا يهاجم هؤلاء الذين يتكلمون في غير فنهم، ويهاجم العلماء إذا تكلم أحد منهم في فنه؟! فتنة القرآنيين بدأت تطل من جديد، وهم الذين يقتصرون على القرآن وحده، وكل حديث يخالف ظواهر الآيات حسب مفهومهم فهو حديث مكذوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>