للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيفية المتابعة ومعناها]

نذكر إسناداً ونأتي بأئمة مشاهير لندلك على كيفية المتابعة: نقول: أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس، هذا إسناد رباعي لماذا؟ لأنه مكون من أربع طبقات.

أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس، هؤلاء أربعة، كل واحد من هؤلاء الرجال نسميه طبقة، فإذا أسقطنا هنا الإمام أحمد أصبحوا ثلاثة، سفيان بن عيينة، والزهري، وأنس.

فلو روى هذا الحديث عن سفيان، عن الزهري، عن أنس رجلٌ آخر غير الإمام أحمد، مثل: قتيبة بن سعيد، أو مسدد بن مسرهد، أو عارم مثلاً، أو محمد بن أبي عمر العدني، أو أحمد بن منيع، أو أبي ربيع الزهراني، أو أحمد بن عبدة الضبي، كل هؤلاء من أقران الإمام أحمد بن حنبل، فلو روى واحدٌ مثل: قتيبة بن سعيد أبي رجاء فقال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس، فنحن نقول: إن قتيبة تابع أحمد بن حنبل على رواية هذا الحديث، أي وافقه على ذكر الحديث بالسند والمتن.

يعني: نفترض أننا الآن في زمان الرواية، فأنا رويت حديثاً عن الشيخ الألباني، والشيخ الألباني يرويه عن الشيخ ابن باز، والشيخ ابن باز يرويه عن الشيخ أحمد شاكر، ولنفترض أنه كلام للشيخ أحمد شاكر، فأنا قلت: حدثنا أبو عبد الرحمن ناصر الدين الألباني، قال: حدثنا الشيخ ابن باز قال: حدثنا أحمد شاكر.

، ثم يروي هذا الكلام الشيخ سيد سابق فيقول: حدثنا أبو عبد الرحمن الألباني، قال: حدثنا ابن باز، قال: حدثنا أحمد شاكر.

، فيكون الشيخ سيد تابعني وأنا تابعته، كلانا تابع الآخر على رواية الإسناد والمتن، هذا يسميه علماء الحديث متابعةً تامة، أن يروي جماعةٌ حديثاً عن شيخ مشترك بينهم، مثل المثال الذي ضربناه، أحمد بن حنبل، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس، ففي طبقة أحمد ذكرنا جماعة من الرواة: قتيبة بن سعيد، وأحمد بن منيع، ومحمد بن أبي عمر العدني، وأبي ربيع الزهراني، ومسدد بن مسرهد كل هؤلاء لو قالوا: حدثنا ابن عيينة، فيكون كل واحد منهم تابع الآخر.

إذاً عرفنا ما معنى المتابعة!! تعني: الموافقة، وهي موافقة أهل الطبقة لبعضهم، أحمد بن حنبل طبقة، سفيان بن عيينة طبقة، الزهري طبقة، أنس طبقة.

فالرواي المُتَكَلَّم فيه لما يروي حديثاً، ونحن نريد أن نعرف هل غلط الراوي في هذا الحديث أم لا، ماذا نعمل؟ ننظر إلى أهل طبقته، هل وافقه الثقات منهم على هذا الحديث، أم هو لوحده أتى به، ولا أحد معه؟ فإذا كان هذا الراوي المُتَكَلَّم فيه تابعه الثقات الكبار، دل ذلك على أنه حفظه، بدليل أن هذا الحديث وُجِد عند العلماء الكبار من أهل طبقته، ومن أصحاب شيخه الذي هو ابن عيينة مثلاً.

أما إذا كان هذا الراوي المُتَكَلَّم في حفظه انفرد بهذا الحديث ولم يوافقه أحد، نسأله ونقوم بمحاكمته، هو روى عن سفيان بن عيينة حديثاً، فنقول له: تعال! أنت لست معروفاً بحفظ، ولا مشهوراً بطلب علم، وكلما قالوا لك: حدِّثنا، تقعد فتحدث بما في رأسك، ولا تأتي بالمعلومة إلا بعد ما تتلكأ وتظل ساكتاً برهة، قل لي إذاً: هذا الحديث كيف أتيت به عن سفيان؟ وأين أصحاب سفيان الكبار الذين جلسوا معه ولازموه ليل نهار، حتى يخصك أنت لوحدك بهذا الحديث؟ ماذا يعني هذا؟ فأصحاب سفيان الكبار الذين جلسوا معه ليل نهار، كلهم لا يعلمون شيئاً عن هذا الكلام، وأنت رغم أنكن لست معروفاً بحفظ ولا بفقه ولا بمجالسة طويلة، ولا ولا فتأتي بهذا الحديث عن سفيان؟! هذا منكر، نحن لا نقبله منك.

إذاً: الراوي لَمَّا يُتَكَلَّم فيه، ننظر هل تابعه أحد من أهل طبقته أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>