للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعلقات في الصحيحين وحكمها]

إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد.

قال الإمام البخاري رحمه الله: (باب قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا وأنبأنا) .

وقال ابن مسعود: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق.

وقال شقيق: عن عبد الله: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم كلمة.

وقال حذيفة: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين.

وقال أبو العالية، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: فيما يرويه عن ربه.

وقال أنس: عن النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه عز وجل.

وقال أبو هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم: يرويه عن ربكم عز وجل.

فالإمام البخاري رحمه الله بعدما ذكر فضل العلم، وذكر بعضاً من آداب طالب العلم، ثم ذكر الباب الثالث: من رفع صوته بالعلم، فأول باب عقده في هذا الكتاب -كتاب العلم- هو فضل العلم، حتى يكون كالحافز للطالب أن يطلب العلم.

تكلمنا أنه بعد أن ذكر ما يشوق لطلب العلم، قام فنبهه إلى أن العلم له آداب وله سياسة، وهو ما يسميه العلماء: بأدب الطلب، ويقول العلماء: سياسة العلم أشد من العلم، وهي تعني: الحكمة في طريقة الأداء.

فبعد أن يتأدب بأدب طالب العلم فينبغي عليه أن يبلغ هذا العلم الذي درسه.

وأشار البخاري رحمه الله بالباب الثالث (باب من رفع صوته بالعلم) لأن رفع الصوت مظنة وصول الكلام إلى أكثر عدد، ومعناه: توصيل العلم إلى الناس مع التأدب بأدب العلم.

في مرحلة الأداء، وفي مرحلة التلقي يسمع طالب العلم، فإذا أراد أن يؤدي العلم ويبلغه فبأي صيغةٍ يؤديه؟ الإمام البخاري عقد الباب الرابع لأجل هذا.

قال: باب قول المحدث حدثنا أو أخبرنا وأنبأنا.

ثم ذكر البخاري عدة معلقات في هذا الباب، الحديث المعلق أشرنا قبل ذلك إلى تعريفه وإلى صورته، فقلنا: إن الحديث المعلق هو ما حذف منه راوٍ أو أكثر، حتى لو شمل الإسناد كله، بشرط: أن يكون الحذف من مبدأ سنده ووصل إلى منتهاه، فالعلماء يسمونه: الحديث المعلق، وهو: ما حذف راوٍ أو أكثر من مصدر إسناده بشرط التوالي في الحذف.

فالإسناد له طرفان: طرف علوي، وطرف سفلي.

أو طرف أعلى، وطرف أدنى.

فإذا كان السند متصلاً من أوله إلى آخره، فيسمى السند متصلاً.

فلو قسمنا الإسناد إلى طبقات، والطبقات إلى مدة زمنية، فنقول مثلاً: قال البخاري: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... وساق حديثاً بهذا الإسناد، إذاً البخاري في إسناده هذا أحمد، وسفيان بن عيينة، والزهري، وأنس، فيكون إسناداً رباعياً، أي: بين البخاري وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، فهذا الإسناد متصل، فكل من أحمد، وسفيان، والزهري، وأنس، يمثل طبقة وكل طبقة تمثل مرحلةً زمنية.

فالحديث المعلق: أن يحذف راوٍ من أوله، وقد يصل الحذف إلى الصحابي، وقد يصل إلى التابعي فقط، وقد لا يحذف إلا واحد من أول السند، هذا هو المعلق.

فإسناد البخاري الذي يقول فيه: حدثنا أحمد بن حنبل لو أنه قام بحذف ذكر الإمام أحمد من الإسناد.

وقال البخاري: وقال سفيان بن عيينة: إذاً حذف من؟ حذف أحمد من الإسناد، إذاً سنحذف المدة الزمنية من الإسناد فيكون الإسناد معلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>