للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبَيْكَ, وَحَسْبُكَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ كَثِيرًا: "ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ, وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ" زَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِهِ أَيْضًا: فَإِنْ كُنْتَ لَأَرْجُوَ أَوْ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَهُمَا١.

وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضْلِهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا قَدْ أُفْرِدَتْ بالتصنيف, وفيما ذكرنا كِفَايَةٌ.

[قِصَّةُ اسْتِشْهَادِ الْفَارُوقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] :

وَكَانَ قِصَّةُ اسْتِشْهَادِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ وَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتُمَا؟ أتخافان أن تكون قَدْ حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ. قَالَا: حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ, مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ. قَالَ: انْظُرَا أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ. قَالَا: لَا. فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ تَعَالَى لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا. قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ: اسْتَوُوا, حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ, وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ أَوِ النَّحْلِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ في الركعة الأول حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ, فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي -أَوْ أَكَلَنِي- الْكَلْبُ حِينَ طَعَنَهُ, فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شَمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ, حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ, فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ, وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ, فَمَنْ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِي أَرَى وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَدْرُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ, فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ صَلَاةً خَفِيفَةً, فَلَمَّا


١ البخاري "٧/ ٤١-٤٢" في فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، باب قول النبي, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو كنت متخذا خليلا"، وباب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومسلم "٤/ ١٨٥٨/ ح٢٣٨٩" فيه، باب من فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>