للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَهْمُ التَّامُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى إِنْ كَانَ لَيَقُومُ بِهِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَرْكَعُ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ١.

"جَامِعُ الْقُرْآنِ" لَمَّا خَشِيَ الِاخْتِلَافَ فِي الْقُرْآنِ وَالْخِصَامَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ خِلَافَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَتَبَ الْمُصْحَفَ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي دَرَسَهَا جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخِرَ سِنِي حَيَاتِهِ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ كَانَ فِي الْغَزَوَاتِ, وَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامَ مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى, وَجَعَلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ بِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ يُفَضِّلُ قِرَاءَتَهُ عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِ وَرُبَّمَا خَطَّأَهُ الْآخَرُ أَوْ كَفَّرَهُ, فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى خِلَافٍ شَدِيدٍ وانتشار الكلام السيئ بَيْنَ النَّاسِ؛ فَرَكِبَ حُذَيْفَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَلِفَ فِي كِتَابِهَا كَاخْتِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي كُتُبِهِمْ, وَذَكَرَ لَهُ مَا شَاهَدَ مِنَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ جَمَعَ الصَّحَابَةَ وَشَاوَرَهُمْ فِي ذَلِكَ وَرَأَى أَنْ يَكْتُبَ الْمُصْحَفَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ, وَأَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ كَفِّ الْمُنَازَعَةِ وَدَفْعِ الِاخْتِلَافِ, فَاسْتَدْعَى بِالصُّحُفِ الَّتِي كَانَ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِجَمْعِهَا فَكَانَتْ عِنْدَ الصِّدِّيقِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ, ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ صَارَتْ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. فَاسْتَدْعَى بِهَا عُثْمَانُ وَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ أَنْ يَكْتُبَ وَأَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ بِحَضْرَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ


١ معلوم النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام, قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقرأ القرآن في ثلاث، فإنه لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث". رواه أبو داود "ح١٣٩٠" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وهو صحيح. وقال بعضهم: لا يقرأه في أقل من سبعة أيام. لحديث: "اقرأ في سبع ولا تزيدن على ذلك". رواه البخاري "٩/ ٩٥" ومسلم "٢/ ٨١٣/ ح١١٥٩" في الصيام، باب النهي عن صوم الدهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>