للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [الْمَائِدَةِ: ٦٤] وَقَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَى الْمُنَافِقِينَ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} [الْمُنَافِقُونَ: ٧] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الْإِسْرَاءِ: ١٠٠] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا, يُخْبِرُ تَعَالَى بِكَمَالِ غِنَاهُ عَنْ خَلْقِهِ وَأَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي غِنَاهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَ وَلَا يَنْقُصُهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَى, وَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ لِحَاجَةٍ إِلَيْهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَمْ يَخْلُقْهُمْ وَلَوْ شَاءَ لَذَهَبَ بِهِمْ وَجَاءَ بِغَيْرِهِمْ وَيُخْبِرُ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ فُقَرَاءُ إِلَيْهِ لَا غِنَى لَهُمْ عَنْهُ فِي نَفَسٍ مِنَ الْأَنْفَاسِ, وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ, وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ حَتَّى أَوْجَدَهُمْ, وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا غَيْرِهَا إِلَّا بِمَا أَقْدَرَهُمْ عَلَيْهِ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ.

وَقَالَ تَعَالَى فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ رَسُولُهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَّالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ, يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ, يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ, يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ, يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي, يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا, يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا, يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ, وَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمُ اجْتَمَعُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ, يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>