للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, أَنَّ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ"؟ قَالَ: "نعم" قال: باسم اللَّهِ أَرْقِيكَ, مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ, وَمِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ" ١. وَعَنْ بُرَيْدِ بْنِ الْحَصِيبِ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ, أَوْ حُمَّةٍ" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ هَكَذَا مَرْفُوعًا٢. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مَوْقُوفًا٣.

أَمَّا الرُّقَى الْمَجْهُولَةُ الْمَعَانِي ... فَذَاكَ وَسْوَاسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ

وَفِيهِ جَاءَ الْحَدِيثُ أَنَّهُ ... شِرْكٌ بِلَا مِرْيَةٍ فَاحْذَرْنَهُ

إِذْ كُلُّ مَنْ يَقُولُهُ لَا يَدْرِي ... لَعَلَّهُ يَكُونُ مَحْضَ الْكُفْرِ

أَوْ هُوَ مَنْ سِحْرِ الْيَهُودِ مُقْتَبَسْ ... عَلَى الْعَوَامِّ لَبَّسُوهُ فَالْتَبَسْ

أَيْ: أَمَّا الرُّقَى الَّتِي لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةِ الْأَلْفَاظِ وَلَا مَفْهُومَةَ الْمَعَانِي وَلَا مَشْهُورَةً وَلَا مَأْثُورَةً فِي الشَّرْعِ الْبَتَّةَ, فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي ظِلٍّ وَلَا فَيْءٍ, بَلْ هِيَ وَسْوَاسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوْحَاهَا إِلَى أَوْلِيَائِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الْأَنْعَامِ: ١٢١] وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ" ٤؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ لَا يَدْرِي أَهْوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّيَاطِينِ, وَلَا يَدْرِي هَلْ فِيهِ كُفْرٌ أَوْ إِيمَانٌ, وَهَلْ هُوَ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ, أَوْ فِيهِ نَفْعٌ أَوْ ضُرٌّ, أَوْ رُقْيَةٌ أَوْ سِحْرٌ. وَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدِ انْهَمَكَ غَالِبُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْبَلْوَى غَايَةَ الْانْهِمَاكِ وَاسْتَعْمَلُوهُ عَلَى أَضْرُبٍ كَثِيرَةٍ وَأَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ, فَمِنْهُ مَا يَدَّعُونَ أَنَّهُ


١ مسلم "٤/ ١٧١٨، ١٧١٩/ ح٢١٨٦" في السلام، باب استحباب الرقية من العين.
٢ ابن ماجه "٢/ ١١٦١/ ح٣٥١٣" في الطب، باب ما رخص فيه من الرقى, وفيه أبو جعفر الرازي وهو سيئ الحفظ, ومسلم عن بريدة موقوفا "١/ ١٩٩". ورواه أحمد "٤/ ٤٣٦" وأبو داود "ح٣٨٨٤" عن عمران بسند صحيح, والحديث صحيح لشواهده.
٣ مسلم "١/ ١٩٩، ٢٠٠/ ح٢٢٠" في الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب.
والترمذي "تحفة الأحوذي ٦/ ٢١٧/ ح٢١٣٤" في الطب، باب ما جاء في الرخصة من الرقية.
ورواه البخاري "١٠/ ٢١١" في الطب، باب من لم يرق، وباب من اكتوى أو كوى غيره.
٤ أبو داود "٤/ ٩/ ح٣٨٨٩" في الطعام, باب في تعليق التمائم.
وابن ماجه "٢/ ١١٦٦، ١١٦٧/ ح٣٥٣٠" في الطب، باب تعليق التمائم.
وأحمد "١/ ٣٨١" والحاكم "٤/ ٢١٧، و٤١٨" وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي, وابن حبان "الإحسان ح٦٥٨" وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>