للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُثِيرُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ, وَتُسَعِّرُ الْحَرْبَ بَيْنَ الْمُتَسَالِمَيْنَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مَشَاهِدٌ لَا يُنْكَرُ. وَقَدْ جَاءَ الْوَعِيدُ لِلْقَتَّاتِ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ كَثِيرًا جِدًّا١, وَمَعَ هَذَا فَالْخِدَاعُ لِلْكُفَّارِ لِلْفَتْكِ بِهِمْ وَإِظْهَارِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ وَكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ وَتَفْرِيقِ كَلِمَتِهِمْ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ وَأَنْفَعِهِ وَأَشَدِّهِ نِكَايَةً فِيهِمْ, كَمَا فَعَلَهُ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْغَطَفَانِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي تَفْرِيقِ كَلِمَةِ الْأَحْزَابِ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَبَيْنَ يَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَنَقَضَ اللَّهُ بِذَلِكَ مَا أَبْرَمُوهُ, وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ٢.

[حُرْمَةُ حَلِّ السِّحْرِ بِالسِّحْرِ] :

وَحَلُّهُ بِالْوَحْيِ نَصًّا يُشْرَعُ ... أَمَّا بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَيُمْنَعُ

"وَحَلُّهُ" يَعْنِي: حَلَّ السِّحْرِ عَنِ الْمَسْحُورِ "بِـ" الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذِ وَالْأَدْعِيَةِ مِنْ "الْوَحْيِ" الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ "نَصًّا" أَيْ: بِالنَّصِّ "يُشْرَعُ" كَمَا رَقَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ, وَكَمَا يَشْمَلُ ذَلِكَ أَحَادِيثَ الرُّقَى الْمُتَقَدِّمَةَ فِي بَابِهَا الَّتِي أَمَرَ بِهَا الشَّارِعُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَدَبَ إِلَيْهَا, وَمِنْ أَعْظَمِهَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ٣ وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ٤ وَالْمُعَوِّذَتَانِ٥ وَآخِرُ سُورَةِ الْحَشْرِ٦, فَإِنْ ضُمَّ إِلَى ذَلِكَ الْآيَاتُ الَّتِي فِيهَا التَّعَوُّذُ


١ القتات: هو الذي ينم الكلام بين الناس, وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يدخل الجنة قتات".
رواه البخاري "١٠/ ٧٤٢" في الأدب، باب ما يكره من النميمة.
ومسلم "١/ ١٠١/ ح١٠٥" في الإيمان، باب بيان غلظ تحريم النميمة.
٢ انظر سيرة ابن هشام "٣/ ١٨٣-١٨٥" ودلائل النبوة للبيهقي "٣/ ٤٤٥-٤٤٧".
٣ تقدمت في الرقى.
٤ كحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مع الشيطان عندما وكله رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على مال الصدقة. أخرجه البخاري تعليقا "٤/ ٤٨٦" في الوكالة، باب إذا وكل رجلا منزل الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهو جائز, والحديث صحيح وعليه كلام طويل انظره في الفتح.
٥ تقدم ذكرها.
٦ عن معقل بن يسار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم, وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر, وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ... ".
ورواه الترمذي "٥/ ١٨٢/ ح٢٩٢٢ في فضائل القرآن، باب ٢٢, وأحمد "٥/ ٢٦" وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>