للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَأَيْنَا ذَلِكَ عَيْنَ الْيَقِينِ: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [يُونُسَ: ٣٩] وَالَّذِي أُحْرِقَتْ أَعْضَاؤُهُ وَتَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ يَجْمَعُهُ الَّذِي أَبْدَأَهُ مَنْ لَا أَجْزَاءَ وَلَا أَعْضَاءَ, وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ كَذَّبَ بِجَمْعِ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ كَذَّبَ بِجَمْعِ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [الْأَعْرَافِ: ٣٩] الْآيَةَ. فَيَا أَيُّهَا الطَّالِبُ الْحَقَّ الْمُتَحَرِّي الْإِنْصَافَ, إِلَيْكَ نُصُوصَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَةِ وَالسُّنَنِ الْقَائِمَةِ, فَأَلْقِ لَهَا سَمْعَكَ وَأَحْضِرْ قَلْبَكَ وَانْظُرْ بِمَاذَا عَارَضَهَا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ وَكَيْفَ تَتَبَّعُوا مَا تَشَابَهَ, وَأَعْرَضُوا عَنِ الْمُحْكَمِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ, كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ, فَرَدُّوا الْمُحْكَمَ بِالْمُتَشَابِهِ وَلَمْ يَرُدُّوا عِلْمَ مَا غَرِبَ عَنْهُمْ عِلْمُهُ إِلَى عَالِمِهِ, وَأَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى إِذْ هَدَاكَ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَوَفَّقَكَ لِمَا انْحَرَفُوا عَنْهُ مِنَ الْحَقِّ الْمُبِينِ, وَقُلْ كَمَا قَالَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آلِ عِمْرَانَ: ٨] .

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الْأَنْعَامِ: ٩٣] الْآيَةَ. قَالَ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ: {وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} [الْأَنْعَامِ: ٩٣] أَيْ: إِلَيْهِمْ بِالضَّرْبِ وَالنَّكَالِ وَأَنْوَاعِ الْعَذَابِ حَتَّى تَخْرُجَ أَنْفُسُهُمْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ لَهُمْ: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الْأَنْعَامِ: ٩٣] وَذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتَضَرَ بَشَرَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْعَذَابِ وَالنَّكَالِ وَالْأَغْلَالِ وَالسَّلَاسِلِ وَالْجَحِيمِ وَالْحَمِيمِ وَغَضَبِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, فَتُفَرَّقُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَتَعْصِي وَتَأْبَى الْخُرُوجَ فَتَضْرِبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَخْرُجَ أَرْوَاحُهُمْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ قَائِلِينَ لَهُمْ: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} [الْأَنْعَامِ: ٩٣] أَيِ: الْيَوْمِ تُهَانُونَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ كَمَا كُنْتُمْ تَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ وَتَسْتَكْبِرُونَ عَنِ اتِّبَاعِ آيَاتِهِ وَالِانْقِيَادِ لِرُسُلِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>