للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَعَنَهُمْ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ, وَمِنْ ذَلِكَ التَّشَاؤُمُ بِوُقُوعِ بَعْضِ الطُّيُورِ عَلَى الْبُيُوتِ يَرَوْنَ أَنَّهَا مُعْلِمَةٌ بِشْرٍّ, وَكَذَا صَوْتُ الثَّعْلَبِ عِنْدَهُمْ, وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِقْسَامُ بِتَنْفِيرِ الطَّيْرِ وَالظِّبَاءِ فَإِنْ تَيَامَنَتْ ذَهَبُوا لِحَاجَتِهِمْ وَإِنْ تَيَاسَرَتْ تَرَكُوهَا, وَهَذَا مِنَ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاجْتِنَابِهِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ, وَهَذَا وَمَا شَاكَلَهُ كَثِيرٌ مِنْهُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ, وَقَدْ أَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ فَأَعَادَهُ الشَّيْطَانُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ, وَوَسَّعَ دَائِرَةَ ذَلِكَ وَسَاعَدَهُ عَلَيْهِ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ مِنَ الْكَهَنَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ وَأَضْرَابِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ, أَرْدَاهُمُ اللَّهُ وَأَلْحَقَهُمْ بِهِ آمِينَ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الْأَعْرَافِ: ١٣١] , وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النَّمْلِ: ٤٥-٤٧] وَقَالَ تَعَالَى: فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ رُسُلِ عِيسَى: {قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} [يس١٦-١٨] قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} قَالُوا: الْعَافِيَةُ وَالرَّخَاءُ نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} قَالَ: بَلَاءٌ وَعُقُوبَةٌ {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى} قَالَ: يَتَشَاءَمُوا بِهِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الْأَعْرَافِ: ١٣١] قَالَ: الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ. وَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [النَّحْلِ: ٤٧] قَالَ: الشُّؤْمُ أَتَاكُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِكُفْرِكُمْ, وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الطِّيَرَةِ وَنَفْيُهَا فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>