للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أَدْبَرَ وَلَهُ ضُرَاطٌ. وَفِي لَفْظٍ حُصَاصٌ" ١ وَأَحَادِيثُ الِاسْتِعَاذَةِ وَالْأَذْكَارِ فِي طَرْدِ الشَّيْطَانِ وَغَيْرِهِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ مَسْبُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ, وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنِ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ نَفِيُ وُجُودِ الْغِيلَانِ مُطْلَقًا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مُكَابَرَةً لِلْأُمُورِ الْمُشَاهَدَةِ الْمَعْلُومَةِ بِالضَّرُورَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مِنْ إِتْيَانِهِمْ وَانْصِرَافِهِمْ وَمُخَاطَبَتِهِمْ وَتَشَكُّلِهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الهامة والصفر: فقالوا أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ -يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ- قَوْلُهُ: "هَامَ" قَالَ: كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَمُوتُ فَيُدْفَنُ إِلَّا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ هَامَةٌ. قُلْتُ: فَقَوْلُهُ: "صَفَرَ" قَالَ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَرٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَفَرَ" قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَقُولُ هُوَ وَجَعٌ يَأْخُذُ فِي الْبَطْنِ, فَكَانُوا يَقُولُونَ هُوَ يُعْدِي فَقَالَ: "لَا صَفَرَ" ٢, وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يَقُولُ النَّاسُ الصَّفَرُ وَجَعٌ يَأْخُذُ فِي الْبَطْنِ. قُلْتُ: فَمَا الْهَامَةُ؟ قَالَ: يَقُولُ النَّاسُ: الْهَامَةُ الَّتِي تَصْرُخُ هَامَةَ النَّاسِ, وَلَيْسَتْ بِهَامَةِ الْإِنْسَانِ, إِنَّمَا هِيَ دَابَّةٌ٣. وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَكُمْ أَشْهَبُ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِهِ: "لَا صَفَرَ" قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحِلُّونَ صَفَرَ, يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا, فَقَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَفَرَ" ٤.

قُلْتُ: وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ قَدِ اعْتَقَدَهَا الْجُهَّالُ وَكُلُّهَا بِجَمِيعِ مَعَانِيهَا الْمَذْكُورَةِ مَنْفِيَّةٌ بِنَصِّ الْحَدِيثِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.


١ البخاري "٢/ ٨٤-٨٥" في الأذان، باب فضل التأذين، وفي العمل في الصلاة، باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة، وفي السهو، باب إذا لم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا سجد سجدتين وهو ساجد، وفي بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، ومسلم "١/ ٢٩١/ ح٣٨٩" في الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، وفي المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له.
٢ أبو داود "٤/ ١٨/ ح٣٩١٥" في الطب، باب في الطيرة.
٣ أبو داود "٤/ ١٨/ ح٣٩١٨" في الطب، باب في الطيرة.
٤ أبو داود "٤/ ١٧-١٨/ ح٣٩١٤" في الطب, باب في الطيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>