للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٣- حشائش التندرا:

هذا الإقليم مقصور على نصف الكرة الشمالي فالمنطقة القطبية الشمالية عبارة عن بحر يحيط به يابس بينما المنطقة القطبية الجنوبية عبارة عن يابس يحيط به ماء، وليس اليابس القطبي الجنوبي صالحًا لنمو النبات لوقوعه في أقصى العروض القطبية الجنوبية، ثم لوقوعه تحت تأثير ضد الإعصار القطبي الذي يطرد كل تأثيرات الدفء، فلا تصل إلى الإقليم، حتى إن متوسط أكثر الشهور حرارة لا يرتفع في أي مكان فوق درجة التجمد ولذلك نجد الجليد يغطي أجزاءه طول العام, وأما اليابس القطبي الشمالي فتسمح العروض التي يقع فيها بنمو النبات، هذا فضلًا عن أن عوامل الدفء تستطيع الوصول إليه. وبذلك يتراجع خط الصفر الحراري المتساوي في شهر يناير إلى طرف سبتزبرجن عند خط عرض ٧٧ ْشمالًا ونتيجة لهذا نجد هذا الإقليم -باستثناء جرينلند- به حرارة صيفية كافية لنمو النبات الذي يسوده النوع المسمى بحشائش التندرا.

ومع ذلك فإن حشائش التندرا لا تنمو إلا بعد كفاح شديد ضد ظروف مناخية شديدة القسوة. فالسنة تنقسم إلى فصلين غير متكافئين، شتاء طويل شديد البرودة، ثم صيف قصير لا يتعدى شهرين أو ثلاثة، وعلى النبات أن يقطع أدوار حياته الثلاثة -الإنبات والنمو والنضوج- في خلال فصل الصيف القصير، قبل أن يداهمه الشتاء بصقيعه الدائم، ومثل هذا المناخ لا يلائمه إلا الحشائش؛ إذ إن الفصلية فيه شديدة الوضوح، ولكن الفصلية هنا تتضح في عامل الحرارة وليس في عامل المطر كما في حشائش السافانا، والفصلية الحادة في المناخ لا يلائمها بصفة عامة من أنواع النبات إلا الحشائش التي تنمو بسرعة كبيرة كأنما انتابتها حمى النمو بقصد الانتهاء من أدوار حياتها في فصل المطر والدفء.

ونباتات هذا الإقليم قصيرة الجذور؛ لأن ذوبان الجليد في فصل الصيف يقتصر على التربة السطحية، وأما التربة السفلية فتظل متجمدة لا تسمح لجذور النبات بالتعمق فيها. ولا تتحمل هذه الظروف المناخية القاسية إلا نباتات قليلة أهمها

<<  <   >  >>