للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث الانتقال منها إلى زحافها، بين الحين والحين، يدخل على القصائد الرجزية جمالًا وموسيقية. ولم يزل الشاعر العربي الحديث يلجأ إلى هذا التنويع الذي هو صفة عامة في بحر الرجز تدخل في تركيبه، والعروضيون يعترفون بها ويفسحون لها مجالًا في كتبهم وقواعدهم.

غير أن ما لم يكن يفعله الشاعر القديم قط، وإنما ينزلق إليه الشاعر المعاصر، هو أن يكتب أبياتًا كاملة، وأشطرًا، تفعيلاتها كلها مصابة بالزحاف. هذا، مثلًا، نموذج من شعر صلاح عبد الصبور. قال من الرجز١:

وحين يقبل الماء يقفر الطريق والظلام محنة الغريب

وهو كما نلاحظ شطر ذو ست تفعيلات وهذا تقطيعه:

ومنه ندرك أن تفعيلات البيت الست جميعها مصابة بالزحاف دون أن يعبأ الشاعر، ولقد أصبح البيت، بسبب هذا الزحاف الثقيل المتعب، ركيك الإيقاع، ضعيف البناء، منفرًا للسمع. والواقع أنه يجمع ثلاثة من خمسة من عيوب الشعر الحر التي ندرسها في هذا الفصل، وللشاعر مندوحة عن ذلك بما يملك من رهافة شعرية نلمسها في بعض قصائده الأخرى. وكل ما يعوزه الانتباه واستكبار الخطإ.

وأما سائر أصناف الزحاف التي أشرنا إليها في أول هذا الفصل فسوف نتخطاها لأننا لا نراها تحدث إشكالات خاصة بالشعر الحر. ومنها زحاف


١ قصيدة "رحلة في الليل"، ديوان "الناس في بلادي" لصلاح عبد الصبور. بيروت ١٩٥٧. ويلاحظ أن الشاعر يسيئ استعمال الوتد في تفعيلاته الأولى والثالثة والرابعة والخامسة.

<<  <   >  >>