للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الوحدات، وهو خلط ترفضه الأذن الشعرية المرهفة، كما يرفضه الناظم العروضي الممرن الذي أحسن درس العروض، فلا الموهوب يقبله ولا العارف بالعروض. أقول هذا مع تقديري لشاعرية مجاهد عبد المنعم.

والحقيقة التي لا ينبغي أن تفوتنا أن الخلط بين الوحدات المتساوية شكلًا ليس إلا جزءًا من الخلط بين التشكيلات. إن شطري فدوى ينتمي كل منهما إلى تشكيلة لأن "مستفعلن مستفعلان" تختلف كل الاختلاف عن "مستفعلن مستفعلن فعول" كما سبق أن شرحنا في موضوع التشكيلات، وكان على الشاعر، ومثلها الشاعر، أن تختار إحدى التشكيلتين وتجري عليها في القصيدة كلها وبذلك تكون الوحدتان "سراب" و"مذاق" المتساويتان في الشكل، متساويتين عروضيًّا أيضًا لوقوعهما في المكان عينه من التفعيلة. والأمر كذلك بالنسبة للكلمتين "كتابته" و"نهايته".

وفي ختام هذه الفقرة من بحثنا أحس القارئ يسألني: لماذا لم يقع أسلافنا الشعراء في مثل هذا الخلط بين الوحدات؟ ولماذا عرف هذا الداء في عصرنا؟ والجواب أن الشعر الحر أصعب من الشعر ذي الأشطر المتساوية. لأن التساوي كان يضطر الشاعر إلى أن يورد عين التفعيلات في كل شطر. فإذا بدأ القصيدة: مستفعلن مستفعلن فعول.

فإذا هذا يبقى طولًا ثابتًا لكل شطر تالٍ، فلا يستطيع الشاعر أن يخطئ. وأما الشاعر الحديث فإن ظروفه صعبة لأن من حقه أن يطيل الشطر ويقصره، وهذا يجعله أكثر تعرضًا للمزالق.

<<  <   >  >>