للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بانتهائه. والشعر الغربي اليوم أغلبه بلا قافية، ومن هناك جاءتنا الفكرة فاستجاب لها بعض الشباب ومضوا في تطبيقها. على أننا لا نملك إلا أن نلاحظ أن الذين ينادون اليوم بنبذ القافية هم غالبًا الشعراء الذين يرتكبون الأخطاء النحوية واللغوية والعروضية؛ ولذلك نحشى أن تكون مناداة بعضهم بها تهربًا إلى السهولة وتخلصًا من العبء اللغوي الذي تلقيه القافية على الشاعر. وأنا أومن بأن الحرية ينبغي ألا تمنح إلا لإنسان قادر على أن يلتزم القيود وإلا أصبحت قيدًا.

على أن مسألة نبذ القافية ليست جديدة كل الجدة في الشعر الحديث، ففي ديوان الزهاوي الذي توفي حين كنا نحن صغارًا قصيدة جارية على أسلوب الشطرين، غير أنها مرسلة إرسالًا بلا قافية. قال من الطويل:

لموتُ الفتى خيرٌ له من معيشة ... يكون بها عبئًا ثقيلًا على الناس

يعيش رخي العيش عشرٌ من الورى ... وتسعة أعشار الأنام مناكيد

أما في بني الأرض العريضة قادرٌ ... يخفف ويلات الحياة قليلا

أفي الحق أن البعض يشبع بطنه ... وأن بطون الأكثرين تجوع

أسائلني عن غاية الخالق اسكتي ... فما لي على هذا السؤال جوابُ

إذا حيي الإنسان صادف منكرًا ... وإن مات لاقى منكرًا ونكيرًا

<<  <   >  >>