للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين حسبوا أن محاربة آدابنا القديمة جزء من أهداف الشعر الحر. وكأن من الممكن، على الإطلاق، أن نبدع نحن شيئًا لم يساهم أجدادنا الموهوبون في تمهيد السبيل إليه منذ ألف سنة. والواقع أن حركة الشعر الحر لن ترسخ في تاريخنا حتى يدرك الشاعر الحديث أن تراثه القديم قد كان هو المنبع الذي ساقه إلى إبداع الجديد. ولعل إنكار القديم والمغالاة في النفور منه مظهر من مظاهر ضعف الثقة بالنفس عند الأمم، وقد لا يكون غريبًا أن يحس الفرد العربي، في هذه الفترة من حياته، بشيء من هذا. ولكننا على ثقة من أنه، وهو سليل هذا التراث الخصيب، لا يمكن أن يبقى في هذا المستوى طويلًا، ولا بد أن يسيطر على أبعاد نفسه كلها في المستقبل القريب. وإذ ذاك سيبدو له الشعر الحر نقطة صغيرة في تاريخه الكبير. وسيدرك، أول مرة، أن أوزانه التي ابتكرها قد بلغت مرحلة النضج وباتت جزءًا حيًّا من تاريخه الأدبي العريق.

<<  <   >  >>