للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي زماننا نحن نشأت حركة الشعر الحر وجاءت بأسلوب جديد في رصف التفعيلات الخليلية خرج على الأسلوب الشائع. وأدت هذه الحركة إلى أن تنشأ مشكلات عروضية لم تكن تخطر على بال الخليل؛ لأن العرب لم يقعوا في مثلها، في قصائدهم. ولذلك بات علينا أن نستخلص، في هذا العصر، القانون العروضي الذي يضبط هذه المشكلات ويحمي الشاعر والناظم وناقد الشعر من الوقوع فيها. ومع أن هذه المشكلات لا تخرجنا من نطاق العروض الخليلي الرائع، ولا تحوجنا إلى استعمال كثير من الاصطلاحات الجديدة، غير أننا نحتاج -مع ذلك- إلى أن نخص الشعر الحر بفصل خاص نضيفه إلى كتب العروض العربي، وندرج فيه -كما فعلنا في هذا الفصل وسوابقه- القوانين الخاصة بالشعر الحر، والحدود العروضية التي لا يصح له أن يتخطاها.

وكما كان اعتماد الخليل، في ضبطه للبحور والسقطات في زمانه على حسه الشعري، وذوقه وما يحفظ من الشعر العربي، فقد كان اعتمادي أنا أيضًا على حس الشعري وذوقي وما أحفظ من الشعر العربي. والفضل فيما قد أكون وفقت إليه من قاعدة أو قانون يرجع إلى الخليل العظيم الذي رصف الطريق لكل شعر عربي خير رصف وأدقه، وابتدع العروض ابتداعًا على غير نمط سابق. ولست أراني فعلت في هذا الفصل عن عروض الشعر الحر، أكثر من استقراء قوانين جديدة على أساس الخطوط الكبرى التي رصفها ذلك العالم الفذ.

وبعد فإن لي ملاحظات حول طائفة من التفاصيل المتعلقة بالشعر الحر، وهي ملاحظات نضجت في نفسي عبر سنين كثيرة كنت خلالها أتابع ما تنشره المجلات الأدبية والصحف اليومية من هذا الشعر. وقد انتهيت بعد طول التأمل إلى أن علينا في أي عروض نكتبه للشعر الحر، أن ننتبه إلى أربع قضايا فيه هي:

<<  <   >  >>