للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمثال الأول "لا ذليل أهل للحرية" يفهم منه نفي أهلية الحرية عمّن يتصف بالذل في أي صورة من صوره، من ضعف لغاصب، أو خنوع لمستبد أو استكانة لعادة سيئة متحكمة.

والمثال الثاني "لا سفيه مستحق للتكليف الاجتماعي" يفهم منه نفي استحقاق التكليف الاجتماعي عن كل فرد يتصف بالسفاهة، ومن ذلك سفاهة القول وعدم المروءة والتصرف، فكل هؤلاء يصل بهم السقوط إلى حد لا يستحقون معه معاملة سويّة من العقلاء.

وهنا ينبغي التعرض لنقطة مهمة، فقد مر علينا من قبل أن "لا" تأتي في جملة تماثل جملة الفعل "ليس" حيث يرفع الاسم وينصب الخبر فيها وهنا تأتي "لا" في جملة من نوع آخر حيث تماثل جملة "إن" فينصب فيها الاسم ويرفع الخبر، فما الفرق بين هاتين الصورتين؟

في البداية يجب أن يعلم أن كلتا هاتين الصورتين نطق عربي وارد فالفصحاء من العرب هم الذين نقل عنهم "لا شيءٌ على الأرض باقيا" -برفع الأول ونصب الثاني- وقد نقل عنهم أيضا ما يماثل "لا شيئًا على الأرض باقٍ" بنصب الأول ورفع الثاني، وإلى ذلك النطق العربي الفصيح -الذي اختلفت صورتاه- يعود الأمر في دراسة جملة "لا" مرتين في النواسخ ومن حقنا أن نستخدم هذه الصورة أو تلك إذا توافرت صفات استعمالها لدى العرب الفصحاء.

أما الموازنة بين هاتين الصورتين فيتجه الأمر فيها اتجاهين:

أحدهما يعود لصورتي الجملتين، والآخر يعود لمعناهما، على التوضيح التالي:

<<  <  ج: ص:  >  >>