للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما تعمد المتكلم تجاهل الفاعل قصدا -مع أنه يعرفه- بهدف التعمية على المخاطب تحقيقا لمصلحته الشخصية أو مصلحة الفاعل وسلامته، كقول شخص لآخر "نُقِل إلَيَّ ذمُّك لي" أو قوله "يقال عنك كذا وكذا" فلا شك أن هناك شخصا قد نقل الكلام إلى المتكلم -وهو يعرفه- وكذلك لا شك أن هناك شخصا قد تحدث عن المخاطب بما يقول المتكلم -وهو يعرفه- لكنه تحقيقا لسلامة الناقل أو القائل أو تحقيقا لمصلحته الشخصية-كيلا يعاتب على ذلك- يرفض ذكر الفاعل في الكلام.

ب- أن يكون الفاعل معلوما تماما، بحيث يكون من العبث وفضول الكلام ذكره، كقولك لأحد المثقفين: "ألقِيَت القنبلةُ الذّرية على اليابان سنة ١٩٤٥" أو قولك: "أوقِفت الحربُ العالمية الأولى سنة ١٩١٨" ومن ذلك قول القرآن: {خُلِقَ الْإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} ١ فالخالق معلوم وهو الله.

ج- أن يصرف النظر عن الفاعل تمامًا؛ لأن الذهن متجه لغيره، فليس من المفيد علمه أو جهله، كقولك: "أعْلِنَتْ نتيجةُ الامتحان، فنجحت ونجح الزملاء" ويقال: "يُكرَم القريبُ لرحِمِه، ويُكرَمُ الغريبُ لوحدته".

د- استقامة موسيقى الكلام -سواء كان سجعا أم شعرا- ومن أشهر ما يساق لذلك قولهم في الحكمة "من طَابَتْ سريرتُه، حُمِدَتْ سيرتُه".

وقول الشاعر:

وما المالُ والأهلون إلّا ودائع ... ولا بدَّ يَومًا أن تُرَدَّ الودائع٢


١ من الآية ٣٧ سورة الأنبياء.
الشاهد: في البيت حذف الفاعل في "ترد الودائع" وأصلها "يرد الناس الودائع" وحذف الفاعل من الأسلوب الأخير لإقامة موسيقى البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>