للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير آية فأبرزت لهم بعض الحقائق من الحجب أفاضوا في الاستحسان والتعجب حتى اجتمعوا إلى مقترحين أن أملى عليهم في الكشف من حقائق التنزيل فاستعفيت فأبوا إلا المراجعة والاستشفاع بعظماء الدين وعلماء العدل والتوحيد فأمليت عليهم مسألة في الفواتح وطائفة من الكلام في حقائق سورة البقرة وكان مبسوطاً كثير السؤال والجواب فلما صمم العزم على معاودة جوار الله فتوجهت تلقاء مكة المكرمة وحططت الرحل بها إذ أنا بالشعبة السنية من الدوحة الحسنية الأمير الشريف أبي الحسن علي بن حمزة بن وهاس أعطش الناس كبداً وأوفاهم رغبة فأخذت في طريقة اخصر من الأولى مع ضمان التكثير من الفوائد ففرغ منه في مقدار مدة خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وكان يقدر تمامه في أكثر من ثلاثين سنة وما هي إلا آية من آيات هذا البيت المحرم انتهى. قال ابن خلكان وكان الزمخشري معتزلي الاعتقاد وأول ما صنف كتاب الكشاف كتب استفتاح الخطبة الحمد لله الذي خلق القرآن فقيل له متى تركته على هذه الهيئة هجرة الناس فغيره بقوله الحمد لله الذي جعل القرآن وجعل عندهم بمعنى خلق انتهى. وقال السيوطي في نواهد الأبكار بعد ذكر قدماء المفسرين ثم جاءت فرقة أصحاب النظر في علوم البلاغة التي بها يدرك وجه الإعجاز وصاحب الكشاف هو سلطان هذه الطريقة فلذا طار كتابه في أقصى المشرق والمغرب ولما علم مصنفه أنه بهذا الوصف قد تجلى قال تحدثا بنعمة ربه وشكراً. وهو الكتاب الذي قال المصنف فيه يمدحه:

أن التفاسير في الدنيا بلا عدد. وليس فيها لعمري مثل كشافي إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته. فالجهل كالداء والكشاف كالشافي وقد نبه في خطبته مشيراً إلى ما يجب في هذا الباب من الأوصاف ولقد صدق وبر ورسخ نظامه في القلوب وقر. وتعقبه البلقيني في الكشاف قائلاً قصد الزمخشري بما أبان الإشارة إلى براعته في علم المعاني والبيان وكيف يترجح فنان جمعهما أوراق يسيرة قد وضعا بعد الصحابة والتابعين وما على الناس من اصطلاح أتى به عبد القاهر واقتفاه السكاكي ولا يقوم لهما في كثير من المقامات دليل وعلم التفسير إنما يتلقى من الأخبار. أقول لم يتوارد البلقيني والزمخشري على محل واحد وليس الزمخشري لانحصار تلقى التفسير من الأحاديث والآثار بجاحد وإنما مقصوده أن القدر الزائد على التفسير من استخراج محاسن النكت والفقر ولطائف المعاني التي تستعمل فيها الفكر وبيان ما في القرآن من الأساليب لا يتهيأ إلا لمن برع في هذين العلمين لأن لكل نوع أصولاً وقواعد ولا يدرك فن بقواعد فن آخر والفقيه والمتكلم بمعزل