للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا تدرك بالحواس كذلك ما من شأنه أن يعاين بعين اليقين لا يمكن أن يدرك بعلم اليقين فالواجب على من يريد ذلك أن يجتهد في الوصول إليه بالعيان دون أن يطلبه بالبيان فإنه طور وراء طور العقل.

(شعر)

علم التصوف علم ليس يعرفه … إلا أخو فطنة بالحق معروف

وليس يعرفه من ليس يشهده … وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف

هذا ما ذكره ابن صدر الدين وأما أبو الخير فإنه جعل الطرف الثاني من كتابه في العلوم المتعلقة بالتصفية التي هي ثمرة العمل بالعلم قال ولهذا العلم أيضاً ثمرة تسمى علوم المكاشفة لا يكشف عنها العبارة غير الإشارة كما قال النبي ﵊ إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفها إلا العلماء بالله (تعالى) فإذا نطقوا ينكره أهل الغرة فرتب هذا الطرف في مقدمة ودوحة لها شعب وثمرة وقال الدوحة في علوم الباطن ولها أربع شعب العبادات والعادات والمهلكات والمنجيات فلخص فيه كتاب أحياء العلوم للغزالي ولم يذكر الثمرة فكأنه لم يذكر التصوف المعروف بين أهله. قال الإمام القشيري اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول ﵊ إذ لا أفضلية فوقها فقيل لهم الصحابة ولما أدركهم أهل العصر الثاني سمي من صحب الصحابة بالتابعين ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين الزهاد والعباد ثم ظهرت البدعة وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق ادعوا أن فيهم زهادا فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله ﷾ الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة انتهى. وأول من سمي بالصوفي أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة ١٥٠ خمسين ومائة. واعلم أن الاشراقيين من الحكماء الإلهيين كالصوفيين في المشرب والاصطلاح خصوصاً المتأخرين منهم إلا ما يخالف مذهبهم مذهب أهل الإسلام ولا يبعد أن يؤخذ هذا الاصطلاح من اصطلاحهم كما لا يخفى على من تتبع كتب حكمة الإشراق. وفي هذا الفن كتب غير محصورة ذكرنا منها ما أثبتناه في هذا السفر على ترتيبه إجمالاً: