للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المزية والتفضل ما لا ينكر وقاعدة مملكتهم رومية الكبرى (١) ولغتهم مخالفة للغة اليونان وقيل لغة اليونان الإغريقية ولغة الروم اللطينية وقلم اليونان والروم من اليسار إلى اليمين مرتب على ترتيب أبجد وحروفهم أبج وزطى كلمن سعفص قرشت ثخ ظغ فالدال والهاء والحاء والذال والضاد ولام ألف سواقط.

ولهم قلم يعرف بالساميا ولا نظير له عندنا فإن الحرف الواحد منه يحيط بالمعاني الكثيرة ويجمع عدة كلمات. قال جالينوس في بعض كتبه كنت في مجلس عام فتكلمت في التشريح كلاماً عاماً فلما كان بعد أيام لقيني صديق لي فقال إن فلاناً يحفظ عليك في مجلسك أنك تكلمت بكلمة كذا وأعاد علي ألفاظي فقلت من أين لك هذا فقال إني لقيت بكاتب ماهر بالساميا فكان يسبقك بالكتابة في كلامك وهذا العلم يتعلمه الملوك وجلة الكتاب ويمنع منه سائر الناس لجلالته كذا قال [ابن] النديم في الفهرس. وذكر أيضاً أن رجلاً متطبباً جاء إليه من بعلبك سنة ثمان وأربعين وزعم أنه يكتب بالساميا قال فجربنا عليه فأصبناه إذا تكلمنا بعشر كلمات أصغى إليها ثم كتب كلمة فاستعدناها فأعادها بألفاظنا انتهى.

[تبصرة]

- ذكر في السبب الذي من أجله يكتب الروم من اليسار إلى اليمين بلا تركيب أنهم يعتقدون أن سبيل الجالس أن يستقبل المشرق في كل حالاته فإنه إذا توجه إلى المشرق يكون الشمال على يساره فاذا كان كذلك فاليسار يعطى اليمين فسبيل الكاتب أن يبتدئ من الشمال إلى الجنوب. وعلل بعضهم بكون الاستمداد عن حركة الكبد على القلب التلويح السادس: في أهل مصر وهم أخلاط من الأمم إلا أن جمهرتهم قبط وإنما اختلطوا لكثرة من تداول ملك مصر من الأمم كالعمالقة واليونانيين والروم فخفي أنسابهم فانتسبوا إلى موضعهم وكانوا في السلف صابئة ثم تنصروا إلى الفتح الإسلامي وكان لقدمائهم عناية بأنواع العلوم ومنهم هرمس الهرامسة قبل الطوفان وكان بعده علماء بضروب الفلسفة خاصة بعلم الطلسمات والنيرنجات والمرايا المحرقة والكيميا وكانت دار العلم بها مدينة منف فلما بنى الإسكندر مدينة رغب الناس في عمارتها فكانت دار العلم والحكمة إلى الفتح الإسلامي فمنهم الإسكندرانيون الذين اختصروا كتب


(١) وهى من بناء رومانس اللطينى وهو اول مشهور من ملوك الروم وكان قبل المسيح بسبعمائة سنة فاتصل ملك اللطينيين الى قيام اغسطس على اليونان واضاف ملكهم الى ملكه فصارت مملكة واحدة من ارمينية الى اقصى الاندلس نحو مائة مرحلة ومكشت الى قيام قسطنطين بدين المسيح وبنى قسطنطينية في وسط اليونان فصارت قاعدة ملك الروم (منه).