للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقلاً فحدثت فيها الملكات وتشوقوا إلى علوم الأمم فنقلوها بالترجمة إلى علومهم وبقيت تلك الدفاتر التي بلغتهم الأعجمية نسياً منسياً وأصبحت العلوم كلها بلغة العرب واحتاج القائمون بالعلوم إلى معرفة الدلالات اللفظية والخطية في لسانهم دون ما سواه من الألسن لدروسها وذهاب العناية بها وقد ثبت أن اللغة ملكة في اللسان والخط صناعة ملكتها في اليد فإذا تقدمت في اللسان ملكة العجمة صار مقصراً في اللغة العربية لأن الملكة إذا تقدمت في صناعة قل أن يجيد صاحبها ملكة في صناعة أخرى إلا أن يكون ملكة العجمة السابقة لم تستحكم كما في أصاغر أبناء العجم وكذا شأن من سبق له تعلم الخط الأعجمي قبل العربي ولذلك ترى بعض علماء الاعجام في دروسهم يعدلون عن نقل المعنى من الكتب إلى قراءتها ظاهراً يخففون بذلك عن أنفسهم مؤنة بعض الحجب وصاحب الملكة في العبارة والخط مستغن عن ذلك.

مطلب علوم اللسان العربي:

اعلم أن أركانها أربعة وهي اللغة والنحو والبيان والأدب ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة لما سبق من أن مأخذ الأحكام الشرعية عربي فلا بد من معرفة العلوم المتعلقة به ويتفاوت في التأكد بتفاوت مراتبها في التوفية بمقصود الكلام والظاهر أن الأهم هو النحو إذ به يتبين أصول المقاصد بالدلالة ولولاه لجهل أصل الإفادة وكان من حق علم اللغة التقديم لولا أن [لأن] أكثر الأوضاع باقية في موضوعاتها لم يتغير بخلاف الإعراب فإنه يتغير بالجملة ولم يبق له أثر فلذلك كان علم النحو أهم إذ في جهله الإخلال بالتفاهم جملة وليس اللغة كذلك.

مطلب الأدبيات:

واعلم أن المقصود من علم الأدب عند أهل اللسان ثمرته وهي الإجادة في فني المنظوم والمنثور على أساليب العرب فيجمعون لذلك من حفظ كلام العرب ما عساه يحصل به الملكة من الشعر والسجع ومسائل من اللغة والنحو مع ذكر بعض من أيام العرب والمهم من الأنساب والأخبار العامة والمقصود بذلك أن لا يخفى على الناظر فيه شيء من كلام العرب وأساليبهم ومناحي بلاغتهم إذا تصفحه ثم إنهم إذا حدوا هذا الفن قالوا هو حفظ أشعار العرب وأخبارها والأخذ من كل علم بطرف يريدون من علوم اللسان والعلوم الشرعية إذ لا مدخل لغير ذلك من العلوم في كلامهم إلا ما ذهب إليه المتأخرون عند كلفهم بصناعة البديع بالاصطلاحات العلمية فاحتاج حينئذ إلى معرفتها