للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصحف وأما في غير المصحف فعند خوف اللبس واجبان البتة لأنهما ما وضعا إلا لإزالته وأما مع أمن اللبس فتركه [فتركهما] أولى سيما إذا كان المكتوب إليه أهلاً. وقد حكى أنه عرض على عبد الله بن طاهر خط بعض الكتاب فقال ما أحسنه لولا أكثر شونيزه ويقال كثرة النقط في الكتاب سوء الظن بالمكتوب إليه وقد يقع بالنقط ضرر كما حكى أن جعفر المتوكل كتب إلى بعض عماله أن أحص من قبلك من الذميين وعرفنا بمبلغ عددهم فوقع على الحاء نقطة فجمع العامل من كان في عمله منهم وخصاهم فماتوا غير رجلين إلا في حروف لا يحتمل غيرها كصورة الياء والنون والقاف والفاء المفردات وفيها أيضاً مخير. ثم أورد في الشعبة الثانية علوماً متعلقة بإملاء الحروف المفردة وهي أيضاً كالأولى فمنها علم تركيب أشكال بسائط الحروف من حيث حسنها فكما إن للحروف حسناً حال بساطتها فكذلك لها حسن مخصوص حال تركيبها من تناسب الشكل ومباديها أمور استحسانية ترجع إلى رعاية النسبة الطبيعية في الأشكال وله استمداد من الهندسيات وذلك الحسن نوعان حسن التشكيل في الحروف يكون بخمسة أولها التوفية وهي أن يوفى كل حرف من الحروف حظه من التقوس والإنحناء والإنبطاح والثاني الإتمام وهو أن يعطى كل حرف قسمته من الأقدار في الطول والقصر والدقة والغلظة والثالث الإنكباب والإستلقاء والرابع الإشباع والخامس الإرسال وهو أن يرسل يده بسرعة وحسن الوضع في الكلمات وهي ستة الترصيف وهو وصل حرف إلى حرف والتأليف وهو جمع حرف غير متصل والتسطير وهو إضافة كلمة إلى كلمة والتفصيل وهو مواقع المدات المستحسنة ومراعاة فواصل الكلام وحسن التدبير في قطع كلمة واحدة بوقوعها في آخر السطر وفصل الكلمة التامة ووصلها بأن يكتب بعضها في آخر السطر (١) وبعضها في أوله. ومنها علم إملاء الخط العربي أي الأحوال العارضة لنقوش الخطوط العربية لا من حيث حسنها بل من حيث دلالتها على الألفاظ وهو أيضاً من قبيل تكثير السواد. ومنها علم خط المصحف على ما اصطلح عليه الصحابة عند جمع القرآن الكريم على ما اختاره زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه ويسمى الاصطلاح السلفي أيضاً وفيه العقيلة الرائية للشاطبي. ومنها علم خط العروض وهو ما اصطلح عليه أهل العروض في تقطيع الشعر واعتمادهم في ذلك على ما يقع في السمع دون المعنى اذ المعتد به


(١) كالفصل بين المضاف والمضاف اليه والصفة والموصوف والاسم والصفة والاسمين المركبين. (منه)