للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اسم الفاعل والموازنة بينه وبين الصِّفة المشبّهة وما يعترض الكتّاب فيه من لُبسٍ وإشكال

١-اسم الفاعل ودلالته:

يقول الأئمة في تعريف الفاعل أنه اللفظ المصوغ من الفعل المعلوم للدلالة على معنى وقع من الموصوف، أو قام به على جهة الحدوث لا الثبوت، على حين يقولون في تعريف الصفة المشبهة أنها اللفظ المصوغ من الفعل اللازم للدلالة على معنى قائم بالموصوف على وجه الثبوت لا الحدوث.

ويتبين بذلك أن الصفة المشبهة تتميز بأنها تدل على الثبوت، وتشتق من اللازم، وأن اسم الفاعل يدل على الحدوث ويصاغ من اللازم والمتعدي.

ويأتي مبنى اسم الفاعل من الثلاثي المجرد على (فاعل) بكسر ما قبل آخره، وهو إما أن يُصاغ من (فعَل) المفتوح العين في الماضي، متعدياً ولازماً، كضارب من ضرب وقاعد من قعد، أو من (فَعِل) المكسور العين فيه متعدياً كشارب من شرب. هذا هو الغالب فيه. وهو يُصاغ من غير الثلاثي على زنة مضارعه بإبدال أوله ميماً مضمومة وكسر ما قبل آخره، كمُسعِفٍ من أسعَفَ ومُجيب من أجاب.

آ-ما جاء من اسم الفاعل على غير الأصل: قد يأتي اسم الفاعل خلافاً للأصل المقيس الذي ذكرناه، كأن يُصاغ من (فَعِلَ) بكسر عين الماضي، ولكن من فعل لازم غير متعد، فيدل على الثبوت كسالم من سَلِم وتاعس من تَعِس وتافه من تفِه وخاطئ من خطِئ، بكسر عين الماضي فيها جميعاً. أو يأتي من (فعِل) بكسر عين الماضي اللازم على صورة المتعدي بحذف الجار، فيدل على الثبوت أيضاً، كساخِط من سِخطه بالكسر، والأصل سخط منه، أو يأتي مما يستوي فيه المذكر والمؤنث كرجل بالغ وامرأة بالغ، ورجل خادم وامرأة خادم، فيدل كذلك على الثبوت. وقد ذهب المحققون إلى أن ما استوى فيه التذكير والتأنيث من الصفات ليس صفة مشبهة ولا اسم فاعل، بل هو صفة (على النَسَب) كرجل عاشق وامرأة عاشق، أي ذي عشق وذات عشق.

ب-دلالة اسم الفاعل على الحال أو الاستقبال:

خصَّ النحاة دلالة اسم الفاعل بالحدوث حين قرنوه بالصفة المشبهة الدالة على الثبوت. وقد قصدوا بذلك إفادته للحال أو الاستقبال نحو إفادة مضارع فعله. وبُني على ذلك أعمال هذا الفاعل المجرد من (أل) في معموله، وذلك بتنوينه ونصب المفعول إذا كان متعدياً. على أن يستوفي شروط الأعمال كوقوعه خبراً أو صفة أو حالاً، أو وقوعه بعد نفي أو استفهام، ذلك لتستحكم المشابهة بينه وبين الفاعل.

<<  <   >  >>