للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ووصل معنوي بواو الاستئناف، وهو أخفى الثلاثة إدراكًا وأمد حبل اعتلاقٍ.

{} {} {} {} {}

[بلاغة الشرط في قوله تعالى:]

(إلا تنصروه فقد نصره الله.....)

جملة شرط بنيت على (إن) التى هي أم أدوات الشرط، وإذاما كان علماء البيان يقولون: إنَّ "إنْ" الأصل فيها أن تكون فيما لايجزم بوقوعه أو عدم وقوعه من فعل الشرط، وذلك في لسان العربية، فإنك إذا ما جئت للنظر في موقعها في بيان الله تعالى جدُّه، فما يكون لك أن تقول إن الله تعالى جدُّه لايجزم بوقوعه أو عدمه وقوعه كما تقول في بيان الناس، ولكنا نقول إن الله تعالى جدَُّه إذ يأتى في بيانه هو غير محكى عن أحد من خلقه يفهم من ذلك الإتيان بـ"إنْ" حثُّه من يخاطبه على أن يفعل ما يغريه به، أو يحثه على أن يكف عما لايليق به، ويحمل هذا الحَثُّ معه معنى التحذير والتهديد بما تنخلع له أفئدة العارفين لطائف البيان الإلهي الحكيم، فهو دالٌ على أنَّ نصره ليس بالمتوقف على مناصرتهم له، فإنه المستغنى عن ذلك فشواهد الحال قائمة بين أعينهم وفي آذانهم لم تمسها يد العفاء فتنسى فهو كما يقول " الطبري " في تفسيره:

"هذا إعلام من الله تعالى أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم أنه المتوكل بنصر رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم على أعداء دينه وإظهاره عليهم دونهم، أعانوه أو لم يعينوه، وتذكير منه لهم فعل ذلك به، وهو من العدد في قلة والعدوّ في كثرة، فكيف به وهو من العدد في كثرة والعدوّ في قلَّة؟ " (١٦)

فهذه الأداة (إنْ) دخلت على فعل منفي، فأدغمت " النون" في "لام" (لا) النافية، ومجيء النفى بـ" لا" من دون " لن" أو " لم" يظهر لي فيه أمران:

ــ

(١٦) جامع البيان للطبري:٦/٤١٩ [م. س]

<<  <   >  >>