للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا ـ إن الحذر لا ينفع من القدر، ويتبين ذلك في التحدي الإلهي الكبير لقوة فرعون الغاشمة من طفل رضيع لا حول له ولا قوة، إلا من قوة الله وحمايته. فيتحدى الله به جبروت فرعون وعظمته، فقد قتل فرعون مئات الأطفال من أجل العثور على هذا الطفل الموعود الذي سيكون على يديه هلاك ملكه، فيتحدى الله كلّ حصونه، ويفشل كلّ تدابيره، ويجعل هذا الطفل الموعود في متناول يده وبين جنده وحراسه وفي قصره، ولا يستطيع أن يؤذيه. فقد زود الباري عز وجل هذا المولود الرضيع بسلاح لم يعهده الناس من قبل كسلاح لدفع الخطر عنه، وهو سلاح (الحب) قال تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ((١)) ، فملأ الله قلب امرأة فرعون (آسيا) المؤمنة بالحب لهذا الطفل، فاستخدمت ذكائها وفطرتها في منع فرعون من أن تناله، فقدمت عذر المنفعة {عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا} ، وأردفته بعذر آخر وهو {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} لأن فرعون كان بحاجة إلى الولد.

ثانيا ـ إن وجود الصالحين في المجتمعات الفاسدة يخفف من أذى المفسدين، فإن وجود امرأة فرعون كان سبباً في إنقاذ سيدنا موسى (- عليه السلام -) ، فقالت امرأة فرعون: {لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} ، وهذا من المعاني الكامنة في سياق النص.


(١) سُوْرَة (طَه) : الآية ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>