للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض الباحثين: " لابدّ في تحليل أي سورة قرآنية من إدراك العلاقة بين آياتها وترابطها فيما بينها، والصلات بين أولها وآخرها، ومكامن الوحدة الموضوعية فيها وذاتيتها الخاصة " ((١)) .

ونحن في التوجيه المضموني لسورة القصص واجدون من ذلك الكثير. إذ تتميز سورة القصص بكونها ذات خصوصية في ترابط موضوعاتها بعضها مع بعض، بحيث أن القارئ يجد فيها انسياباً للمعاني وهي تصب في هدف واحد، على رغم أن السورة تنقسم على نصفين:

النصف الأول: خاص بقصة موسى (- عليه السلام -) .

النصف الثاني: خاص بتعداد آلاء الله عز وجل ونعمه، ثم تأتي في أواخر آيات السورة قصة الخسف بقارون لتعيد التذكير بأول القصة في أول السورة {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} ((٢)) ، فيتم بذلك التلاحم المضموني.

وقد فصل سليم سليمان فقال: تتميز آيات سورة القصص بأنها تمثل لوحة متكاملة المعالم واضحة الأطر، لا زيادة فيها ولا نقصان فيها فهي بذلك تسير وفق قواعد الوحدة الموضوعية ((٣)) .

والبناء الموضوعي للسورة يعدّ في الذروة من الالتزام بعدم الخروج عن المعنى المراد إيصاله، فهي بذلك " نص متكامل " لا يمكن حذف شيء منه، ولا يمكن إضافة شيء إليه البتة، فقوله جل جلاله: {أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ} (٤) له علاقة وطيدة بقوله تعالى فيها: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً} ((٥)) .

فتتجلى بعض مظاهر تلك العلاقة في الأمن الإلهي الذي حبى به موسى (- عليه السلام -) وقريش.


(١) التحليل التطبيقي للنصوص: ص٤٠٠.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٦.
(٣) ينظر الوحدة الموضوعية: ص٣٨٨.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٣١.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>