للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يكون التنازع بين أكثر من عاملين. وقد يكون المتنازع فيه متعددًا، نحو: يجلس ويستمع ويكتب المتعلم. وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: " تسبحون وتَحْمَدُون وتكبرون دبرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين " متفق عليه. فـ (دُبُرَ) منصوب على الظرفية، و (ثلاثاً وثلاثين) منصوب على أنه مفعول مطلق وقد تنازعهما ثلاث عوامل. (١)

ولا خلاف في جواز إعمال أيِّ العاملين أو العوامل، وإنما الخلاف في الأولى منهما فقال البصريون: الثاني أولى لقربه من الاسم، وقال الكوفيون: الأول أولى لتقدمه.

فإن أعملت الأول في الاسم الظاهر أعملت الثاني المهمل في ضميره، ويؤتى بهذا الضمير سواء كان مرفوعًا نحو: قام وقعدا أخواك، أو منصوبًا، نحو: قام وأكرمتهما أخواك، أو مجرورًا نحو: قام ومررت بهما أخواك. فـ (أخواك) فاعل (قام) وقد عمل الثاني في ضمير هذا الاسم، ولا محذور في الإتيان بالضمير، لرجوعه إلى متقدم رتبة؛ لأن مرجع الضمير وهو (أخواك) معمول للعامل الأول.

وإن أعملت الثاني في الاسم الظاهر أعملت اِلأول في ضميره ويؤتى بهذا الضمير إن كان مرفوعاً، لامتناع حذف العمدة، وإن لزم منه عوده على متأخر لفظًا ورتبة (٢) فتقول: قاما وقعد أخواك. فـ (أخواك) فاعل (قعد) ، ومنه قول الشاعر:

جفوني ولم أجفُ الأخلاءَ إنني ......لغير جميل من خَلِيلِيَ مهملُ (٣)


(١) في هذا الحديث أعمل الأخير لقربه، وأعمل الأولان في ضميرهما وحذفا لأنهما فضلتان. والأصل: تسبحون الله فيه إياه، وتحمدون الله فيه إياه.
(٢) عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة واقع في مسائل أخرى أشرنا إلى بعضها في أواخر باب الفاعل (في الهامش) وذكرنا مسألة التنازع.
(٣) جفوني: من الجفاء وهو ترك المودة. والمعنى: هجرني الأصداقاء، فلم أقابلهم بالمثل. لأني أهمل وأترك ما ليس بحسن من أفعال أصدقائي.

إعرابه: (جفوني) فعل ماض. والواو فاعل. والنون للوقاية. والياء مفعول (ولم أجف) جازم ومجزوم. وعلامة جزمه حذف حرف العلة. والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره: (أنا) (الأخلاء) مفعول به (إنني) إن حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر، والنون للوقاية، وياء المتكلم اسمها (لغير جميل) جار ومجرور متعلق بـ (مهمل) و (جميل) مضاف إليه. (من خليلي) جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ (جميل) والياء مضاف إليه (مهمل) خبر (إن) مرفوع.

<<  <   >  >>