للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَذِيُّ: لَمَّا حَبَسُوا أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي السِّجْنِ جَاءَهُ السَّجَّانُ , فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ فِي الظَّلَمَةِ وَأَعْوَانِهِمْ صَحِيحٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ السَّجَّانُ: فَأَنَا مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ؟ قَالَ لَهُ: أَعْوَانُ الظَّلَمَةِ مَنْ يَأْخُذُ شَعْرَكَ وَيَغْسِلُ ثَوْبَكَ وَيُصْلِحُ طَعَامَكَ وَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي مِنْكَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَمِنْ أَنْفُسِهِمْ.

وَقَالَ إِدْرِيسُ الْحَدَّادُ: لَمَّا كَانَ الْمِحْنَةَ وَصُرِفَ أَحْمَدُ إِلَى بَيْتِهِ حُمِلَ إِلَيْهِ مَالٌ جَلِيلٌ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى رَغِيفٍ يَأْكُلُهُ، فَرَدَّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، قَالَ: فَجَعَلَ عَمَّهُ إِسْحَاقَ يَحْسِبُ مَا رَدَّ فَإِذَا هُوَ خَمْسُ مِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَمِّ أَرَاكَ مَشْغُولًا بِحِسَابٍ، فَقَالَ: قَدْ رَدَدْتَ الْيَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَأَنْتَ مُحْتَاجٌ إِلَى حَبَّةٍ، فَقَالَ: يَا عَمُّ لَوْ طَلَبْنَا لَمْ يَأْتِنَا وَإِنَّمَا أَتَانَا لَمَّا تَرَكْنَا.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، صَحِبْنَاهُ خَمْسِينَ سَنَةً فَمَا افْتَخَرَ عَلَيْنَا بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>