للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّامِرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ عُمَرُ بْنُ مَكِّيٍّ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَلِيٍّ السَّامِرِيِّ مُؤَاخَاةٌ، فَلَمَّا قُبِضَ كُنْتُ أَتَمَنَّى مُدَّةَ أَنْ أَرَاهُ، فَأَعْلَمَ حَالَهُ عِنْدَ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي فِي زِينَةٍ حَسَنَةٍ وَهَيْئَةٍ جَمِيلَةٍ، وَقَدْ غَمَضَ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَخِي عَهْدِي بِكَ وَلَمْ يَكُنْ بِعَيْنِكَ بَأْسٌ، فَارَقْتَنَا وَعَيْنَاكَ صَحِيحَتَانِ، فَمَا بَالُ الَّذِي غَمَضْتَهَا؟ قَالَ: أَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي أَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ، فَمَرَّتْ بِي آيَةُ وَعِيدٍ فَأَشْفَقَتْ هَذِهِ، يَعْنِي عَيْنَهُ النَّاظِرَةَ، فَبَكَتْ، وَقَنَطَتْ هَذِهِ فَأَمْسَكَتْ، فَلَمَّا أَفَقْتُ عَاتَبْتُهَا فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكِ لَمْ تُشْفِقِي شَفَقَةَ أُخْتِكِ هَذِهِ وَقُلْتُ لَهَا فِي عِتَابِي لَهَا: وَحُبِّي لِمَحْبِوبِي لإِنْ أَبَاحَنِي مِنْهُ مُنَايَ لَأَمْنَعَنَّكِ مَا لَكِ مِنْهُ، فَلَمَّا أَنْ وَصَلْتُ إِلَيْهِ قَالَ لِي: يَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ هَا أَنَا ذَا فَتَمَتَّعْ بِمَا لَكَ مِنِّي فَغَمَضْتُهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَفَاءً بِمَا قُلْتُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

بَكَتْ عَيْنِي غَدَاةَ الْبَيْنِ حُزْنًا ... وَأُخْرَى بِالْبُكَا بَخِلَتْ عَلَيْنَا

فَجَازَيْتُ الَّتِي جَادَتْ بِدَمْعٍ ... بِأَنْ أَقْرَرْتُهَا بِالْحُبِّ عَيْنَا

وَعَاقَبْتُ الَّتِي بَخِلَتْ بِدَمْعٍ ... بَأَنْ غَمَّضْتُهَا يَوْمَ الْتَقَيْنَا..

<<  <  ج: ص:  >  >>