للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ التِّيمَاسِتَانِيِّ الْفَارِسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ حَسَنَ الْحَالِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ خَفِيفٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ: كَانَ أَوَّلُ بِدَايَتِي حَتَّى وَقَعَتْ لِي هَذِهِ الْقِصَّةُ، أَنِّي جَلَسْتُ تَحْتَ شَجَرَةٍ فِي عَرَاءٍ أَرْبَعَ سِنِينَ أَنْظُرُ إِلَى تِلْكَ الصَّحْرَاءِ، وَكَانَتِ امْرَأَتِي تَرْعَى الْبَقَرَةِ تَحْمِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ رَغِيفَيْنِ نَأْكُلُهُمَا بَيْنَنَا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ: خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فِي بَعْضِ نَاحِيَةِ الْبَلَدِ فَوَقَعَ عَلَى قَوْمٍ صَعَالِيكَ لَيْلًا جُلُوسًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَعِنْدَهُمْ عِبْدَانَ، وَغِنَاءٌ، وَعِنْدَهُمْ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَجَلَسَ أَبُو بَكْرٍ يَسْمَعُ غِنَاءَهُمْ، فَقَالُوا: إِنْسَانٌ عَاشِقٌ، فَقَالُوا: تَقَدَّمْ إِلَيْنَا وَاجْلِسْ مَعَنَا وَاشْرَبْ.

فَقَامَ وَجَلَسَ عِنْدَهُمْ، فَنَاوَلُوهُ قَدَحًا، فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ وَقَامَ قَائِمًا وَهُوَ يَبْكِي، وَيَقُولُ: هَذَا شَاذِي لِمَنْ لَا يَعْصِي حَبِيبَهُ، هَذَا شَاذِي لِمَنْ نَخَافُ مَعَادَهُ، هَذَا شَاذِي لِمَنْ قَدَّمَ زَادَهُ، هَذَا شَاذٌّ لِمَنْ طَلَبَ مِنْ حَبِيبِهِ مُرَادَهُ.

وَيَبْكِي حَتَّى بَكَوْا كُلُّهُمْ وَتَابُوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ رَمَى بِالْقِدْحِ مِنْ يَدِهِ وَذَهَبَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>