للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ أَبِي مُسْلِمٍ الْبُنْيَنَارْتِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

مِنْ قَرْيَةِ بُنْيَنَارْتَ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ، كَانَ رَجُلًا عَابِدًا خَائِفًا، يُشْهَدُ خَوْفُ اللَّهِ فِي وَجْهِهِ وَشَاهِدِهِ، صَحِبَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَذِيكَابَادِيَّ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي مُسْلِمٍ الْمُطَرِّزِ الْأُخُوَّةِ وَالصُّحْبَةِ الْوَكِيدَةِ.

قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ، وَمَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ رُئِيَ مَاشِيًا عَلَى الْمَاءِ، قَالَ: وَقَالَ لِي: دَقَقْتُ يَوْمًا الْبَابَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَذِيكَابَادِيِّ، فَكَلَّمَنِي مِنَ السَّطْحِ وَقَالَ: ارْفَعْ ذَيْلَكَ، فَكَأَنْ يَطْرَحُ فِيهِ شَيْئًا مِنَ السَّطْحِ فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ حِجْرِي وَكُنْتُ بِلَا سَرَاوِيلَ، فَقَالَ لِي مِنَ السَّطْحِ: أَحْسَنْتَ أَنْتَ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ: وَلَقَدْ زُرْتُهُ يَوْمًا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، فَلَمَّا دَخَلْتُ مَسْجِدِهِ فِي الْقَرْيَةِ قَامَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَوَضَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَجْهَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَجَرَى دُمُوعَهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ رَجُلًا وَجِلًا لَيِّنًا حَسَنَ السِّيمَا، مُصْفَرَّ الْوَجْهَ، إِذَا رَأَيْتَهُ ذَكَرْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِرُؤْيَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>