للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ الرَّارَانِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَرِّعًا مُجْتَهِدًا.

قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ مَعْمَرٍ: مَا رَأَيْتُ فِي الْمَشَايِخِ أَكْثَرَ بُكَاءً مِنْهُ، لَمْ يَرَهُ مُرِيدٌ مُبْتَدِئٌ إِلَّا صَارَ أَسِيرًا لَهُ مِنْ كَثْرَةِ عِبَادَتِهِ وَبُكَائِهِ وَحُرْقَتِهِ وَقِلَّةِ صَبْرِهِ عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَشِدَّةِ حَرَكَاتِهِ وَاضْطَرَابِهِ عِنْدَ السَّمَاعِ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَلَقِيَ الْمَشَايِخِ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ سَنَةً.

قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ بِمَكَّةَ فَضَاقَ وَقْتِي وَخَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ، فَفُتِحَ لِي بِدِينَارٍ فَلَمَّا أَرَدْتَ الرُّجُوعَ إِلَى مَكَّةَ كَانَ عَلَيَّ خَلَقٌ فَقُلْتُ: أَشْتَرِي بِهَذَا الدِّينَارِ قَمِيصًا أَلْبَسُهُ، فَلَمَّا أَرَدْتُ دُخُولَ مَكَّةَ وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتَ إِلَى عِنْدَ أَبِي عَمْرٍو الزُّجَاجِيِّ، فَسَأَلْتُهُ مَسْأَلَةً، فَقَالَ لِي: امْضِ وَأَخْرِجِ الدِّينَارَ الَّذِي دَفَنْتَهُ وَاجْعَلَهُ عَلَى رَأْسِكَ، قَالَ: يَعَنِي فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَأَجَابَنِي.

قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ قَلَّ مَنْ صَحِبَهُ إِلَّا أَثَرَ عَلَيْهِ بَرَكَاتَهُ.

وَقِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>