للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْكُتُوا حَتَّى يَقُومُ أَبُوكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ، لِأَنَّهُ كَانَ يَغِيبُ فِي الْمِحْرَابِ وَالصَّلَاةِ عَنْ جَلَبَةِ الصِّبْيَانِ مِنْ قُوَّةِ حَالِهِ.

قَالَ عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ: كُنْتُ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِي أَطْلُبُ مَنْ أَصْحَبُهُ مِنْ أَهْلِ النُّسُكِ وَالتَّصَوُّفِ، فَرَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَيْوِيَةَ وَسَأَلْتُهُ الصُّحْبَةَ فَأَمَرَنِي بِالْخُلْوَةِ وَالانْفِرَادِ وَأَوْصَانِي أَنْ لَا آكُلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شَيْئًا ثُمَّ آتِهِ.

قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى خُلْوَتِي وَنَسِيتُ وَعْدَهُ فَلَمْ آتِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَقِيتُهُ فِي الْجَامِعِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَأْتِيَنِي؟ قُلْتُ: نَسِيتُ الْوَعْدَ، قَالَ: وَهَلْ أَكَلْتَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ وَيْحُكَ أَنَا وَافَقْتُكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا أَبْطَأْتَ لَمْ آكُلْ وَلَمْ أَشْرَبْ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَانَ أُسْبُوعًا، فَأَخَذَ مِنْ سِقَايَةِ الْمَسْجِدِ شَرْبَةَ مَاءٍ وَشَرِبَهَا.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَصَّارُ: كُنْتُ بِمَكَّةَ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَيْوِيَةَ مَعَنَا فِي الْحَجِّ تِلْكَ السَّنَةِ، فَاعْتَلَّ بِمَكَّةَ عِلَّةً شَدِيدَةً، فَطَبَخَ بَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ قَدْرًا بِحَبِّ الرُّمَّانِ فَحَمَلَ إِلَيْهِ قَلِيلَ مَرَقٍ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا أُرِيدُهُ.

فَأَلْحَحْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي عَاهَدْتُ اللَّهَ مُنْذُ كَذَا سَنَةٍ أَنْ لَا آكُلَ الْفَوَاكِهِ، وَحَبُّ الرُّمَّانِ مِنَ الْفَوَاكِهِ، قَالَ: فَزَادَتْ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ، وَوَقَعَ فِيهِ الْقُمَّلُ الْكَثِيرُ حَتَّى فَرَّ مِنْهُ النَّاسُ وَالْأَصْحَابُ، فَحَجَّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ مَاتَ فِي الْبَادِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>