للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَيْبَانَ الْقِرَمِيسِينِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

شَيْخُ الْجَبَلِ، صَاحِبُ الْأَسْفَارِ الْكَثِيرَةِ عَلَى التَّوَكُّلِ وَالتَّجْرِيدِ مِنَ الشُّيُوخِ الْكِبَارِ، صَاحِبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيِّ، وَصَحِبَ إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصَ أَيْضًا فِي أَسْفَارِهِ، وَلَهُ فِي أَسْفَارِهِ عَجَائِبُ لَقِيَهَا.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَيْبَانَ: بَيْنَمَا أَنَا جَاي بَيْنَ الْجَزِيرَةِ وَالرَّقَّةِ وَمَعِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَفِيهِمْ غُلَامٌ صَغِيرُ السِّنِّ حَدَثٌ، فَأَرَدْنَا رُكُوبَ الْفُرَاتِ فَتَعَلَّقَ الْغُلَامُ بِي، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَنَا لَا أُطِيقُ رُكُوبَ الْبَحْرِ فَتَلَطَّفْتُ لَهُ وَأَدْخَلْتُهُ الْمَرْكَبَ وَأَجْلَسْتُهُ إِلَى جَنْبِي وَسَدَدْتُ عَيْنَيْهِ كِي لَا يَرَى الْمَاءَ حَتَّى عَبَرْنَا وَخَرَجْنَا إِلَى جَزِيرَةٍ يُقَالُ لَهَا: دَوْسَرُ، وَالْغُلَامُ مَعِي، وَقُمْتُ أَنَا أُصَلِّي وَكَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ طَيِّبًا فَقَعَدَ الْغُلَامُ يَسْمَعُ عَلَى لُجَّةِ الْفُرَاتِ، فَانْزَعَجَ وَاضْطَرَبَ وَقَامَ فَرَمَى بِنَفْسِهِ فِي الْفُرَاتِ وَشَقَّ الْفُرَاتَ شَقًّا كَأَنَّهُ سَهْمٌ وَأَنَا أُومِئُ إِلَى أَصْحَابِي، فَأُسَبِّحُ فِي الصَّلَاةِ، فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ عَلَى رَفْرَفٍ قَاعِدٌ، حَتَّى عَبَرَ الْفُرَاتَ وَجَلَسَ، وَنَحْنُ نَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَحَيِّرِينَ فِي أَمْرِهِ مُتَعَجِّبِينَ مِنْ فِعْلِهِ، فَاشْتَرَيْنَا زَوْرَقًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَالْفُرَاتُ هَائِجٌ حَتَّى عَبَرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>