للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ وَالِدِي أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ

وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عُبَّادِ اللَّهِ الْخَاشِعِينَ الْوَرِعِينَ، لَمْ يُرَ بَعْدَهُ مِثْلُهُ فِي اسْتِعْمَالِ الْوَرَعِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالْخَوْفِ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَيَّامِ شَيْبَتِهِ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى اسْبِيذْكُوهَا لِلزِّيَارَةِ وَمَعَهُ رَفِيقُهُ مُحَمَّدٌ الرُّوَيْدَشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ مِنَ الْأَبْدَالِ، فَقَعَدَ وَالِدِي عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ يَتَوَضَّأُ فَسَقَطَ مِنْهُ خَرْقَةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ فَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى مَضَتْ سَاعَاتٌ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ لَحِقَ بِرَفِيقِهِ يَمْشِي، فَإِذَا بِقَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ يَرْعَى، فَمَالَتْ شَاةٌ عَنِ الْقَطِيعِ وَفِي فَمِهَا الْخِرْقَةُ، فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى وَالِدِي طَرَحْتِ الْخِرْقَةَ مِنْ فَمِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَفْيقُهُ: انْظُرْ إِلَى هَذِهِ الْخِرْقَةِ لَعَلَّهَا سَقَطَتْ مِنْكَ فَنَظَرَ إِلَى الْخِرْقَةِ وَالْخَيْطِ الْمَشْدُودِ عَلَيْهَا فَعَرَفَهَا فَأَخَذَهَا، حَكَى ذَلِكَ رَفِيقُهُ مُحَمَّدٌ الرُّوَيْدَشْتِيُّ، فَقَالَتْ وَالِدَتِي رَحِمَهَا اللَّهُ: ذَكَرْتُ لَهُ يَوْمًا هَذِهِ الْحِكَايَةَ فَكَرِهَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا حَفِظَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَالَ لِأَنَّهُ كَانَ مَنْ وَجْهٍ حَلَالٍ، فَأَمَّا مَا بِأَيْدِينَا الْيَوْمَ فَقَدْ خَالَطَهُ الشُّبُهَاتُ، أَرَدْتُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>