للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَمَةَ: فَلَمْ يَنْزَلْ بِنَا مِثْلُهَا قَطُّ، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: قَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ عِيسَى إِلَهُهُ الَّذِي يَعْبُدُ، وَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَاءَ بِأَنَّهُ عَبْدٌ، وَأَنَّ مَا يَقُولُونَ فِيهِ بَاطِلٌ، فَمَاذَا تَقُولُونَ؟ فَأَجْمَعُوا أَنْ يَقُولُوا فِيهِ بِقَوْلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ، فَدَعَاهُمُ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ جَعْفَرٌ: نَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَرُوحُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، فَأَخَذَ النَّجَاشِيُّ عُودًا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَدَا عِيسَى مَا يَقُولُونَ مِثْلَ هَذَا الْعُودِ، فَنَخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَولَهُ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ، وَاللَّهِ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بَأَرْضِي، يَقُولُ: آمِنُونَ، مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ ثَلَاثًا، مَا أُحِبُّ أَنْ آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ، وَإِنَّ لِي دَبْرًا مِنْ ذَهَبٍ، وَالدَّبْرُ بِلِسَانِهِمُ الْجَبَلُ، فَوَاللَّهِ، مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي رِشْوَةً حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، وَمَا أَطَاعَ فِيَّ النَّاسَ فَأَطَعْتُهُمْ فِيهِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَجَعَلْنَا نَتَعَرَّضُ لِعَمْرٍو وَصَاحِبِهِ رَجَاءَ أَنْ يَسُبَّانَا، فَنَغْمُرَ مَعَهُمَا فَرَجَعَا خَائِبَيْنِ، فَأَقَمْنَا بِخَيْرِ دَارٍ، وَعِنْدَ خَيْرِ جَارٍ، قَدْ أَمِنَّا وَاطْمَأْنَنَّا، إِذْ شَغِبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَنَازَعَهُ فِي مُلْكِهِ، فَمَا عَلِمْنَا أَصَابَنَا حُزْنٌ أَشَدُّ مِنْ حُزْنٍ أَصَابَنَا عِنْدَ ذَلِكَ، فَرَقًا مِنْ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَيَنْبُوَ بِنَا مَنْزِلُنَا وَيَأْتِيَنَا رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مِثْلَ الَّذِي عَرَفَ النَّجَاشِيُّ، فَكُنَّا نَدْعُو لَيْلًا وَنَهَارًا أَنْ يُعِزَّهُ اللَّهُ وَيُظْهِرَهُ، فَخَرَجَ النَّجَاشِيُّ سَائِرًا إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>