للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ: فَقَالَ لَبِيدٌ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا كَانَ يُؤذَى جَلِيسُكُمْ فَمَتَى حُدِّثْتُ فِيكُمْ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنَّ هَذَا سَفِيهٌ فِي سُفَهَاءَ مَعَهُ، قَدْ فَارَقُوا دِينَنَا، فَلَا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عُثْمَانُ حَتَّى شَرَى أَمْرُهُمَا، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَلَطَمَ عَيْنَهُ فَخَضَّرَهَا، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَرِيبٌ يَرَى، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا ابْنَ أَخِي، إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ عَمَّا أَصَابَهَا لَغَنِيَّةً، وَكُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَنِيعَةٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَاللَّهِ إِنَّ عَيْنِي الصَّحِيحَةَ لَفَقِيرَةٌ إِلَى مَا أَصَابَ أُخْتَهَا فِي اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ تَكُ عَيْنِي فِي رِضَى الرَّبِّ نَالَهَا ... يَدَا مُلْحِدٍ فِي الدِّينِ لَيْسَ بِمُهْتَدِي

فَقَدْ عَوَّضَ الرَّحْمَنُ مِنْهَا ثَوَابَهُ ... وَمَنْ يَرْضَهُ الرَّحْمَنُ يَا قَوْمِ يَسْعَدِ

فَإِنِّي وَإِنْ قُلْتُمْ: غَوِيٌّ مُضَلَّلُ ... سَفِيهٌ عَلَى دِينِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ

أُرِيدُ بِذَاكَ اللَّهَ، وَالْحَقَّ دِينَنَا ... عَلَى رَغْمِ مَنْ يَبْغِي عَلَيْنَا وَيَعْتَدِي

وَفِي رِوَايَةٍ: فَلَمَّا رَأَى عُثْمَانُ مَا فِيهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَلَاءِ وَهُوَ يَغْدُو وَيَرُوحُ فِي أَمَانٍ مِنَ الْوَلِيدِ، قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ غُدُوِّي وَرَوَاحِي آمِنًا بِجِوَارِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَأَهْلُ دِينِي يَلْقَوْنَ مِنَ الْأَذَى وَالْبَلَاءِ مَا لَا يُصِيبُنِي لَنَقْصٍ كَبِيرٌ فِي نَفْسِي، فَمَشَى إِلَى الْوَلِيدِ فَرَدَّ إِلَيْهِ جِوَارَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>