للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي كَلَامِ الْحَسَنِ وَمَوَاعِظِهِ

قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَطْوَلَ حُزْنًا مِنَ الْحَسَنِ.

وَكَانَ يَقُولُ: لَا تَضْحَكْ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ مِنْكُمْ شَيْئًا.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا رَأَيْتَ فِي ولَدِكِ مَا تَكْرَهُ فَاعْتَبِ اللَّهَ , فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُرَادُ بِهِ أَنْتَ.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ: كُنَّا مَعَ الْحَسَنِ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرٍ فقَالَ: عَيْشُ هَذَا آخِرَهُ، لَا خَيْرَ فِي أَوَّلِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا تَخْرُجُ نَفْسُ ابْنِ آدَمَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا بِحَسَرَاتٍ ثَلَاثٍ: أَنَّهُ لَمْ يَشْبَعْ مِمَّا جَمَعَ، وَلَمْ يُدْرِكْ مَا أَمِلَ، وَلَمْ يُحْسِنِ الزَّادَ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَبُو مَرْحُومٍ الْعَطَّارُ: دَخَلْنَا مَعَ الْحَسَنِ عَلَى مَرِيضٍ نَعُودُهُ فَلَمَّا جَلَسَ عِنْدَهُ قَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي أَشْتَهِي الطَّعَامُ فَلَا أَقْدِرُ أَنْ أُسِيغَهُ، وَأَشْتَهِي الشَّرَابَ فَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَتَجَرَّعَهُ، قَالَ: فَبَكَى الْحَسَنُ , وَقَالَ: عَلَى الْأَسْقَامِ وَالْأَمْرَاضِ أُسِّسَتْ هَذِهِ الدُّنْيَا، فَهَبْكَ تَصِحُّ مِنَ الْأَسْقَامِ وَتَبْرَأُ مِنَ الْأَمْرَاضِ، هَلْ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: فَارْتَجَّ الْبَيْتُ مِنَ الْبُكَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>