للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ فَلْيَرْفَعْهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ذِمِّيٌّ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُكَ كِتَابَ اللَّهَ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ اغْتَصَبَنِي أَرْضًا، وَالْعَبَّاسُ جَالِسٌ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبَّاسُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقْطَعَنِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَتَبَ لِي بِهَا سِجِلًّا، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُ يَا ذِمِّيُّ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُكَ كِتَابَ اللَّهُ، فَقَالَ عُمَرُ: كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ مِنْ كِتَابِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَمْ فَارُدُدْ عَلَيْهِ يَا عَبَّاسُ ضَيْعَتَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ لَا يُدَّعَى شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِي يَدَيْهِ وَفِي أَيْدِي أَهْلِ بَيْتِهِ مِنَ الْمَظَالِمِ إِلَّا رَدَّهَا مَظْلَمَةً مَظْلَمَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ أَزْرَيْتَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْخُلَفَاءِ وَعِبْتَ عَلَيْهِمْ، وَسِرْتَ بِغَيْرِ سِيرَتِهِمْ بُغْضًا لَهُمْ وَشَيْنًا لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَوْلادِهِمْ، قَطَعْتَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، إِذْ عَمِدْتَ إِلَى أَمْوَالِ قُرَيْشٍ وَمَوَارِيثِهِمْ فَأَدْخَلْتَهَا بَيْتَ الْمَالِ جَوْرًا وَعُدْوَانًا، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَرَاقِبْهُ إِنْ شَطَطْتَ، لَمْ تَطْمَئِنَّ عَلَى مِنْبَرِكَ، خَصَّصْتَ أُولِي قَرَابَتِكَ بِالظُّلْمِ وَالْجَوْرِ، فَوَالَّذِي خَصَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا خَصَّهُ بِهِ، لَقَدِ ازْدَدْتَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا فِي وِلايَتِكَ هَذِهِ، إِنْ زَعَمْتَ أَنَّهَا بَلَاءٌ، أَقْصِرْ عَنْ بَعْضِ مَسِيلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ بِعَيْنِ جَبَّارٍ فِي قَبْضَتِهِ، وَلَنْ تُتْرَكَ عَلَى هَذَا، اللَّهُمَّ سَلْ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَمَّا صَنَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>