للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك مرض قلوبهم وفساد أمورهم فإنما المهدي وأمته وسواد أهله مملكته بمنزلة الطبيب الرفيق والوالد الشفيق والراعي المجر الذي يختال لمرابض غنمه وضوال رعيته حتى يبرئ المريضة من داء علتها ويرد الصحيحة إلى انس جماعتها، ثم إن خراسان بخاصة الذين لهم دالة محمولة وماتة مقبولة ووسيلة معروفة وحقوق واجبة لأنهم أيدي دولته وسيوف دعوته وأنصار حقه وأعوان عدله فليس من شأن المهدي الاضطعان عليهم ولا المؤاخذة لهم ولا التوغير بهم ولا المكافأة بإساءتهم لأن مبادرة حسم الأمور ضعيفة قبل أن تقوى ومحاولة قطع الأصول ضئيلة قبل أن تغلط أحزم في الرأي وأصح في التدبير من التأخير لها والهاون بها حتى يلتئم قليلها بكثيرها وتجتمع أطرافها إلى جمهورها.

قال المهدي ما زال هارون يقع وقع الحيا حتى خرج خروج القدح من الماء وانسل انسلال السيف فيما ادعى فدعوا ما سبق موسى فيه فإنه هو الرأي وثنى بعد هارون ولكن من لأعنة الخيل وسياسة الحر وقادة الناس إن أمعن بهم اللجاج وأفرطت بهم الدالة.

قال صالح: لسنا نبلغ أيها المهدي بدوم البحث وطول الفكر أدنى فراسة رأيك وبعض لحظات نظرك وليس ينقض عنك من بيوتات العرب ورجال العجم ذو دين فاضل ورأي كامل وتدبير قوي تقلده حربك وتستودعه جندك ممن يحتمل الأمانة العظيمة ويضطلع بالأعباء الثقيلة وأنت بحمد الله ميمون النقيبة مبارك العزيمة مخبور التجارب محمود العواقب معصوم العزم فليس يقع اختيارك وزلا يقع نظرك على أحد توليه أمرك وتسند إليه ثغرك إلا أراك لله ما تحب وجمع لك منه ما تريد.

قال المهدي إني لأرجو ذلك لقديم عادة الله فيه وحسن معونته عليه ولكني أحب الموافقة على الرأي والاعتبار للمشاورة فالأمر المهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>