للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسطح ساطع من الصعادات يتخلله نقب يظهر تحتها السواد، ولا تزال حقيقة هذه البقع موضوع البحث والتعليل عند الفلكيين، ومن تنقل هذه النكت عرفت دورتها على محورها وللشمس سيارات أو أبناء انفصلت منها منذ أزمان سحيقة، علم منها إلى الآن نحو ثمانية، هي على ترتيب الأقرب منها فالأقرب: عطارد فالزهرة فالأرض فالمريخ فالمشتري فزحل فأرانوس فنبتون، ولم تعلم كل شؤون هذه السيارات حق العلم وإنما ألم العلماء بمعرفة موادها وكثافتها وأبعادها، ولكن أمر الحياة فيها لم يزل مبهماً مستغلقاً اللهم إلا في الأرض وقمرها.

أما مقدار النعم التي سخرها الله لنا بوجود الشمس فمما لا يحصيه العد، فهي مبعث حياتنا وحياة الحيوان الذي يعيش معنا، ومصدر نورنا ونارنا وحرنا وبردنا، وهي التي تحيل مياه البحار بخاراً، وتقلها في الجو غيوماً، وتنزلها على الأرض أمطاراً، حيث تجري جداول وأنهاراً، فتروي زرعنا، وتنمي غراسنا، وتثير الرياح، وتطلع الأنواء، وتزجي السفن والبواخر في عباب الماء، وتدفع القطرات الحديدية، وتدير الآلات البخاري، وتنير المصابيح الدخانية والزيتية، إذ ليس الفحم الحجري والزيت الأرضي إلا حرارة نارها المدخرة منذ قديم الدهور لينتفع بها أحياء هذه العصور، وما النهار المبصر، والليل المظلم، إلا آتيان من آيات الله المسخرة لنا بتسخير هذا المخلوق العجيب: ففي النهار نسعى في مناكب الأرض لابتغاء رزقنا، وتدبير معاشنا، وتنظيم شؤون حياتنا، ونسبح بحمد ربنا، ونعتبر بآثار من سبقنا، وفي الليل نسمن لإراحة أبداننا، وأستجمام قوانا واستيفاء حظنا من النوم الذي به نستديم صحتنا، ونستعيض ما فقدناه بأعمالنا وننظر في ملكوت السموات وما خلق الله من شيء في حركات الكواكب وانتقالها، وبديع صورها وألوانها،

<<  <  ج: ص:  >  >>