للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اء، وعلم وصف الأرض، فوق الفقه الذي نال فيه مرتبة الإفتاء وتوفي سنة ٧٤٩ هـ?، ومن إنشائه في وصف قط زباد من رسالة طويلة (وقط الزباد الذي لا تحكيه الأسود في صورها: ولا تسمح غزلان المسك بما يخزنه من عرفه الطيب في سررها كم تنقل في بيوت طابت موطناً، ومشى من دار أصحابه فقالوا: (رَبّنَا عَجّل لّنَا قِطّنَا) [ص: ١٦] ) .

ومن فصول رسائله فصل كتبه من رسالة عن لسان سلطانه إلى الشام مع طيور صيد جوارح أرسلها إليه: صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي بسلام جميل الافتتاح، وثناء يطير إليه وكيف لا تطير قادمة بجناح، ونعلمه أن مكاتبته المتقدمة الورود تضمنت التذكار من الجوارح بما بقي من رسمه وجرت عادة صدقاتنا الشريفة أن تحسب في قسمه وقد جهزنا له الآن منها ثلاثة طيور لا يبعد عليها مطار، ولا يوقد للقرى في غير حماليقها جذوة نار: ولا تؤم طيراً إلا وترش الأرض بدمه فلا يلحق لها وهي طائركم لها من فتك أخذ الطير من مأمنه، وسلب ما تحلى به من رياش الريش ثم تزيا بأحسنه.

[(٣) لسان الدين بن الخطيب]

هو ذو الوزارتين الكاتب الشاعر. أبو عبد الله لسان الدين محمد بن عبد الله المعروف بابن الخطيب تأدب وتفقه واجتمع له من الحكمة والأدب ملكة يلذ بها أدباء الأندلس كتابة وشعراً وتصنيفاً وسياسة ومات سنة ٧٧٦ هـ?.

ومن قصار رسائله رسالة في الشوق كتبها إلى ابن خلدون وهي بعد الديباجة (أما الشوق فحدث عن البحر ولا حرج، وأما الصبر فسل به أية درج، بعد أن تجاوز اللوى والمنعرج، لكن الشدة تعشق الفرج، والمؤمن ينشق من روح الله الأرج، وأني بالصبر، على إبر الدبر. بل الضرب الهبر. ومطاولة اليوم والشهر حتى حكم القهر، وهل للعين أن تسلو سلو المقصر. عن إنسانها المبصر، أو تذهل ذهول الزاهد. عن سرها الرائي والمشاهد. وفي الجسد مضغة يصلح إذا صلحت فكيف حاله إن رحلت عنه ونزحت، وإذا كان الفراق هو الحمام الأول. فعلام المعول، أعيت مراوضة الفراق على الراق، وكادت لوعة الاشتياق، أن تفضي إلى السياق.

تركتموني بعد تشييعكم ... أوسعُ أمرَ الصبر عصيانا

أقرعُ سنّي ندماً تارةً ... وأستميحُ الدمعَ أحياناً

[التدوين]

ألف علماء هذا العصر تأليف جمة أخلفت على العربية بعض ما أباده التتار والصليبيون: من الكتب النفسية. ويرجع أكثر الفضل في ذلك إلى علماء مصر والشام وجالية الأندلس. أما أعاجم المشرق وإن ألفوا في العلوم الإسلامية والفلسفية فإن تأثير بيئتهم الأعجمية جعل كتبهم صعبة التناول ضعيفة الأثر في تقدم اللسان العربي مما ستعرفه من أحوال العلوم ومؤلفيها.

الأدب

قد كان لأدباء القاهرة من الكتاب السبق في وضع الكتب الجامعة التي تبحث في عدة علوم أدبية أو ملحقة بها. ومن هؤلاء:

شهاب الدين النويري صاحب "نهاية الأرب"، وابن فضل الله العمري صاحب مسالك الأبصار، وشهاب الدين القلقشندي صاحب صبح الأعشى. وممن ألف في الأدب بمناح مختلفة: جمال الدين الوطواط صاحب الغرر والعرر، وشهاب الدين الحلبي صاحب منازل الأحباب، وحسن التوسل إلى صناعة الترسل، وشهاب الدين أحمد الأبشيهي صاحب المستطرف، والنواجي صاحب حلبة الكميت.

[بقية العلوم الإسلامية]

لما أباد التتار بقية العلماء والنحاة في الشرق، كاد أفق المشرق والشام ومصر يصفر من النحاة وأهل اللغة، لولا أن تداركها الله بدخول التتار في السلام ومعاضدتهم هم والدول التي خلفتهم للعلم والعلماء، وبجلاء بعض كبار النحاة واللغويين من الأندلس والغرب قبيل حادث التتار وبعده. كابن مالك، والشاطبي، وأبي حيان، وابن منظور الأفريقي، فجددوا والنحو واللغة بمصر والشام، وتخرج عليهم تلاميذ أفاضل كانوا كواكب العصور المتأخرة، فدونوا العلم وحفظوه لمن أتى بعدهم ممن نشؤوا في العصور المظلمة.

[كتابة التدوين والتصنيف]

أما كتابة التدوين فكانت في المتون ونحوها موجز جداً. وكانت في الشروح والمطولات مبسوطة: ومن أشهر المؤلفين في هذا العصر ابن خلكان: وابن خلدون والسيوطي: وابن مكرم: والفيروز أبادي: وعز اليدين بن عبد السلام المتوفى سنة ٦٦٠ هـ?، وابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٨٥٢ هـ?، وابن هشاالجرجاني، المتوفى سنة ٨١٦، والشهاب الخفاجي. م النحوي المتوفى سنة ٧٦١ هـ?، ولسان الدين بن الخطيب المتوفى ٧٧٦ هـ?، وسعد الدين التفتازاني المتوفى سنة ٧٩١، والسيد

[ابن خلكان]

هو قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أبي بكر خلكان الإربلي ولد سنة ٦٠٨ هـ? بمدينة أربل وأقام بها إلى سنة ٦٢١ هـ? فرحل إلى حلب ومكث بها سنين ثم إلى دمشق وأقام مدة، ثم أقام بمصر وتولى القضاء بها وفيها ألف أكثر تاريخه العظيم "وفيات الأعيان" ثم تقلبت ب الأحوال بين مصر والشام إلى أن مات بدمشق سنة ٦٨١: وكان كاتباً بليغاً، وشاعراً مجيداً، حسن المحاضرة، لطيف المعاشرة، وساع الاطلاع، شديد التحري والضبط ("وتاريخه" "وفيات الأعيان" "وأنباء أبناء الزمان") أفضل بأيدي الناس ممن كتب التاريخ لشدة عنايته بضبط الأعلام وأسماء البقاع والبلدان وتحقيق الحوادث بحسب الإمكان.

[ابن خلدون]

هو حكيم المؤرخين، وعلم المحققين، الفقيه القاضي الكاتب الشاعر المصنف عبد الرحمن ابن محمد المعروف بابن خلدون ولد بتونس سنة ٧٣٢ هـ?، وتلقى العلم والأدب من أبيه ومن كبار العلماء، وقرأ العلوم العقلية والفلسفية على بعض حكماء المغرب، واحترف بصناعة الكتابة وهو شاب لم يطر شاربه، ثم وصل بعد ذلك إلى ملوك بني الأحمر فحظي عندهم حتى حسده على ذلك صديقه لسان الدين بن الخطيب فأقلع عنها، وذهب إلى صاخب بجاية بالمغرب الأوسط فوزر له، وبقي يتردد بين المغرب الأوسط والأقصى وأفريقية والأندلس حتى حسن في عينه التخلي عن السياسة والانقطاع إلى العلم، فنزل إلى بعض قبائل العرب على حدود الصحراء أربعة أعوام ألف فيها تاريخه ومقدمته التي لم ينسج أحد من المتقدمين ولا المتأخرين على منوالها، ثم عزم على الحج فدخل مص زمن سلطانها برقوق. ثم استقدم أهله وولده من المغرب فغرقت بهم السفينة فأقام بمصر حزيناً، وجلس للتدريس بالجامع الأزهر، وتولى قضاء المالكية سنة ٧٨٦ هـ? إلى أن مات سنة ٨٠٨ هـ?.

[جلال الدين السيوطي]

هو عبد الرحمن جلال الدين بن الإمام كمال الدين الخضيري السيوطي العالم المحدث المفسر صاحب التصانيف المشهورة: واد سنة ٨٤٩ هـ? ونشأ يتيماً وحفظ القرآن وعمره دون الثمان، ثم حفظ متون الفقه والنحو، وأخذ العلم عن مشايخ وقته وابتدأ في التصنيف وسنه ١٧ سنة، ثم لازم الأشياخ وطلب العلم في بقاع الأرض فدخل الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور ونبغ في كثير من العلوم، ورزق التبحر في التفسير والحديث والفقه والنحو والمعان والبيان والبديع وتولى التدريس والإفتاء ولم يكن أشهر منه في زمنه. ويعد السيوطي من الأئمة الذين حفظوا العلم للخلف وسهلوا سبيله للمتأخرين، وقد ترك للناس أكثر من ثلاثمائة مصنف، وتوفي ستة ٩١١ هـ? بالقاهرة.

[الشعر]

لما كان أكثر الملوك والأمراء في هذا العصر أعاجم بالفطرة، كان نيلهم إلى الشعر العربي غير طبيعي، ولذلك انقرض الشعر العربي من أواسط آسيا وبقيت صبابة منه بالعراق والجزيرة: وبقي على كل شيء من الرونق في الشام ومصر والأندلس والمغرب، غير أنه قل التكسب به فيها، فمال أكثر الشعراء إلى انتحال الكتابة والدواوين صناعة واستعملوا الشعر في تملق الملوك والرؤساء وفي إظهار التفصح والتسلية فهجر قوله في الأغراض الهامة وعدل به إلى أغراض أخرى.

[الشعراء]

ظهر في هذا العصر شعراء كثيرون، من أشهرهم، شرف الدين الأنصاري المتوفى سنة ٦٦٢ هـ?، وجمال الدين بن نباتة المصري المتوفى سنة ٧٦٨ هـ?، وشهاب الدين التلغفري المتوفى سنة ٦٧٥ هـ?، وأبو بكر بن حجة المتوفى سنة ٨٣٧ هـ?، وصفي الدين الحلي المتوفى سنة ١١١١ هـ?، وهاك ترجمة بعضهم: ١ البوصيري هو شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري، صاحب البردة والهمزية، ولد بدلاص ونشأ ببوصير ثم انتقل إلى القاهرة، وتعلم علوم العربية والأدب فقال الشعر البليغ في جده وهزله ومن أشهر شعره قصيدة البردة الشهير التي أولها:

أمن تذكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ ... مزجتَ دمعاً جرى من مقلةٍ بدم

أم هبّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمةٍ ... وأومضَ البرقُ في الظّلماء من إضم

فما لعينيك إن قلتَ اكففاهمتا ... وما لقلبك إن قلتَ استفق يهمِ

أيحسب الصبُّ أن الحبّ منكتم ... ما بيَن منسجم منه ومضطرمِ

ومن حكمها البديعة المشوبة بمحاسن البديع قوله:

والنّفس كالطّفل إن تهمله شبّ على ... حب الرّضاع وإن تفطمه ينفطم

فاصرفْ هواها وحاذرْ أن تولّيه ... إن الهوى ما تولَّى يصمِ أو يصمِ

وراعها وهي في الأعمال سائمةٌ ... وإن هي استحلت المرعى فلا تسمِ

كم حسنتْ لذةً للمرء قاتلةً ... من حيث لم يدر أن السُّم في الدَّسم

واخشَ الدسائس من جوع ومن شبع ... فربّ مخمصةٍ شرٌّ من التُّخمِ

واستفرغ الدمعَ من عين قد امتلأتْ ... من المحارمِ والزمْ حميةَ النَّدمِ

وقصيدته الهمزية في مدحه محمد صلى الله عليه وسلم لا تقل عن البردة في فصاحتها، وأولها:

كيف ترقى رقيك الأنبياء ... يا سماء ما طاولتها سماء

لم يساووك في علاك وقد حا ... ل سنا منك دونهم وسناء

وتوفي البوصيري سنة ٦٩٦ هـ? بالإسكندرية وقبره بها مشهور يزار.

[٢ صفي الدين الحلي]

هو عبد العزيز الملك المنصور بن علي الشهير بابن سرايا الطائي الحلي شاعر الجزيرة ولد سنة ٦٧٧ هـ?، ونشأ بمدينة الحلة من مدن الفرات فتأدب ونظم الشعر وأجاده وأصبح فيه أشهر شعراء عصره، وخدم به نجم الدين غازي بن قره أرسلان: أحد ملوك الدولة الأرتقية (ديار بكر) .

واتصل بعده بابنه الملك الصالح شمس الدين، ثم ذهب إلى الحج وعرج منصرفه منه إلى مصر فمدح الملك الناصر بن قلاوون وتوفي سنة ٧٥٠ هـ?.

ويعتبر صفي الدين من أئمة البديع المبتدعين في أنواعه المغالين في استعماله في شعرهم بلا كثير تكلف، وهو أول من نظم القصائد النبوية الجامعة لأنواع البديع المسماة بالبديعيات على مثال بردة البوصيري. ومن وقوله في الأدب:

اسمعْ مخاطبةَ الجليس ولا تكنْ ... عجلاً بنطقك قبلما تتفهَّمُ

لم تعطَ مع أذنيك نطقاً واحداً ... إلا لتسمع ضعفَ ما تتكلمُ

[٣ ابن نباتة المصري]

هو جمال الدين محمد بن محمد المعروف بابن بناتة، أشعر شعراء المصريين زمن المماليك. ولد سنة ٦٨٦ هـ? ونشأ بالقاهرة، وتلقى العلم والأدب وانكب على قراءة شعر القاضي الفاضل ورسائله، فرسخت في طريقته من الولوع بالتورية والتلميح والطباق، لم يأت بعده من شعراء مصر والشام من بلغ غايته في لطف التصور ورقة اللفظ وانسجام العبارة ومات سنة ٧٦٨ هـ? ومن شعره قوله:

يا مشتكي الهم دعه وانتظر فرجاً ... ودار وقتك من حين إلى حين

ولا تعاند إذا أصبحت في كدر ... فإنما أنت من ماء ومن طين

[٤ ابن معتوق الموسوي]

هو شهاب الدين بن معتوق الموسوي شاعر العراق في عصره وسابق حلبته في رقة شعره. ولد سنة ١٠٢٥ ونشأ بالبصرة وبها تعلم وتأدب وقال الشعر وأجاده، وكان في نشأته فقيراً فاتصل بالسيد على خان أحد أمراء البصرة من قبل لدولة الصفوية الإيرانية وكانت وقتئذ تملك العراق والبحرين، ومدحه مدحاً رقيقة، وأكثر شعره مقصور عليه وعلى آل بيته فغمره بإحسانه. وابن معتوق من كبار شعراء الشيعة فمدح علياً والشهيدين بما يرج عن حد الشرع والعقل، ومات سنة ١١١١ هـ?، ويمتاز شعره بالرقة وكثرة المجازات.

["العصر الخامس عصر النهضة الأخيرة من ١٣٣٠ إلى الوقت الحاضر"]

حالة اللغة العربية وآدابها في هذا العصر كانت حالة البلاد العربية في أوائل القرن الثالث عشر غاية ما وصلت إليه من الفساد والاضمحلال، فلما استولى ساكن الجنان محمد علي باشا على مصر رأى بحكمته أن يربي من يكون خير واسطة لنقل معارف الأوروبيين إليها. فبعث إلى أوروبا ثلاثة بعوث علمية في أزمنة مختلفة كونت بعد ثلاث طبقات من العلماء، والأطباء، والمهندسين، والضباط. فنقلوا إلى اللغة العربية عشرات الكتب الجليلة في العلوم المختلفة فأحدث ذلك في اللغة العربية انقلاباً عظيماً، واكتسبت من سعة الأغراض والمعاني والألفاظ العلمية والأساليب الأجنبية وطرق البرهنة والاستنباط وترتيب الفكر ثروة طائلة، ورأى العلماء والأدباء أنه صارت لهم دولة منظمة متحضرة تقبل منهم بقبول حسن كل كما يحسنونه من نتيجة كدهم وثمرة أفكارهم فالتفوا حولها وصارت للدولة كتاب وشعراء ومنشؤون في جريدتها "الوقائع" أول جريدة عربية، واقتدى بمصر أهل الشام، بل ركدت ريها زمن عباس باشا الأول وزمن سعيد باشا، ثم تنسمت في عصر اسماعيل، وما لبثت أن صارت رخاء طيبة فأعاد سيرة في نشر العلم، وظهرت ثمرة أعماله في حياته وكادت مصر توشك أن تكون قطعة من أوروبا.

[النثر المحادثة أو لغة التخاطب]

كانت العامية في أوائل هذه العصور غاية في الانحطاط، ثم لما انتشر التعليم بين طبقات المصريين دخل عباراتهم كثير من الفصيح، وانتقل ذلك لمعاشريهم من الأميين وبعض النساء، ومما ساعد على ذلك أيضاً جعل التقاضي باللغة الفصيحة وكثرة الصحف والمجلات والروايات.

[الخطابة]

كان المصريون والسوريون أوائل هذا العصر لا يستعملون الخطابة في غير الأغراض الدينية، ثم اتسعت ائرة الأفكار في عصر إسماعيل باشا، وصادف ذلك مجيء السيد جمال الدين الأفغاني إلى مصر، والتف خوله لفيف من أدباء المصريين والسوريين، فأدخلهم في عداد جمعيته وألف منهم أندية كانوا ينتابون الخطابة فيها في الأمور الدينية السياسية والاجتماعية، وانتشرت الخطابة بين شبان مصر وفشت بعد عصر إسماعيل في زمن توفيق باشا وصاحب السمو الخديوي عباس باشا الثاني: ومن أشهر خطبائهم السيد عبد الله النديم، والشيخ محمد عبده، ومصفى باشا كامل، ومحمد بك فريد، وسعد باشا غلول، والشيخ عبد العزيز جاويش وغيرهم، حتى بلغت الخطابة في عصرنا هذا مبلغاً عظيماً.

[الكتابة الخطية]

وقف الخط في سبيل تقدمه عند الحد الذي رسمته له الطبقة الناشئة والحادي والثاني عشر من خطاطي الترك، وكل ما نشأ بعدهم فإنما هو متبع طريقهم. وأشهرهم عبد الله الزهدي، وهو الذي خط بالقلم الجليل جدران المسجد النبوي وجدران سبيل والدة عباس باشا بالصليبية بالقاهرة، ومحمد مؤنس أفندي، وتخرج عليه وعلى تلميذه محمد جعفر بك جميع خطاطي قطرنا المصري.

[الكتابة الإنشائية]

مضى العصر المتقدم وليس لكتابة الدواوين في أواخره شيء يذكر لجعل التركية هي اللغة الرسمية، وأقبل العصر الحاضر والحال لم تتغير في المماليك العثمانية إلا قليلاً وشرعت تتغير في مصر، ثم لما أنشئت المدارس النظامية نشأت طبقة من كتاب الدواوين رقوا كتابتها. وقد هجر السجع الذي أكثر منه الأقدمون إلا أن عبد الله باشا الفكري أشهر المصلحين للكتابة الديوانية الفصيحة ألم به في كثير من مكاتبته الرسمية، كما سبق ذلك في المكاتبات.

أما كتابة التأليف والصحف فأخذت تنحو منحى كتابة ابن خلدون في "مقدمته". ولما ولت الحكومة الشيخ محمد عبده تحرير الوقائع الرسمية والإشراف على تحرير الجرائد، ترقت كتابتها كثيراً ودرجت في سبيل التقدم إلى الآن:

[كتابة التدوين]

كان أكثر الكتب التي ألفت أو ترجمت في مصر علمية، لشدة احتياجها إليها. أما سورية فكانت حالة الأدب فيها في لنصف الأول من العصر الحاضر خيراً منها في مصر، ولكن مصر نهضت في النصف الثاني واسترجعت حياتها الأدبية

<<  <  ج: ص:  >  >>