للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس هو من البدايات التي يزيلها ما بعده، فإن النفس تطلب سبب كل حادث وأول كل شيء حتى تنتهي إلى الغاية والمنتهى.

وقد قال الله تعالى {وأن إلى ربك المنتهى} النجن ٤٢.

وفي الدعاء المأثور الذي ذكره مالك في الموطأ حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا ليس وؤاء الله مرمى.

وفي رواية: ليس وراء الله منتهى.

فإذا وصل العبد إلى غاية الغايات، ونهاية النهايات، وجب وقوفه، فإذا طلب بعد ذلك شيئاً آخر وجب أن ينتهي، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم العبد أن ينتهي مع استجارته بالله من وسواس التسلسل، كما يؤمر كل من حصل نهاية المطلوب وغاية المارد أن ينتهي إذ كل طالب ومريد فلا بد له من مطلوب ومراد ينتهي إليه، وإنما وجب انتهاؤه لأنه من المعلوم بالعلم الضروري الفطري لكل من سلمت فطرته من بني آدم أنه سؤال فاسد، وأنه يمتنع أن يكون لخالق كل مخلوق خالق، فغنه لو كان له خالق لكان مخلوقاً.

ولم يكن خالقاً لكل مخلوق، بل كان يكون من جملة الملخوقات، والمخلوقات، كلها لا بد لها من خالق، وهذا معلوم بالضرورة والفطرة، وإن لم يخطر ببال العبد قطع الدور والتسلسل، فإن وجود المخلوقات كلها بدون خالق معلوم الامتناع بالضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>