للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقديم الأدلة العقلية الدالة علي أنهم صادقون في قولهم: إن الله أرسلهم مقدمة علي ما يناقض ذلك من العقليات، كذلك تقديم هذه الأدلة العقلية المستلزمة لصدقهم فيما أخبروا به علي ما يناقض ذلك من العقليات، وعاد الأمر إلي تقديم جنس من المعقولات علي جنس.

وهذا متفق عليه بين العقلاء، فإن الأدلة العقلية إذا تعارضت فلا بد من تقديم بعضها علي بعض، ونحن نقول: لا يجوز أن يتعارض دليلان قطعيان: لا عقليان ولا سمعيان، ولا سمعي وعقلي، ولكن قد ظن من لم يفهم حقيقة القولين تعارضهما لعدم فهمه لفساد أحدهما.

[اعتراض آخر]

فإن قيل: نحن نستدل بمخالفة العقل للسمع علي أن دلالة السمع المخالفة له باطلة، إما لكذب الناقل عن الرسول، أو خطئه في النقل، وإما لعدم دلالة قوله علي ما يخالف العقل في محل النزاع.

[الرد عليه]

قيل: هذا معارض بأن يقال: نحن نستدل بمخالفة العقل للسمع علي أن دلالة العقل المخالفة له باطلة بعض مقدماتها، فإن مقدمات الأدلة العقلية المخالفة للسمع فيها من التطويل والخفاء والاشتباه والاختلاف والاضطراب ما يوجب أن يكون تطرق الفساد إليها أعظم من تطرقه إلي مقدمات الأدلة السمعية.

ومما يبين ذلك أن يقال: دلالة السمع علي مواقع الإجماع مثل دلالته علي موارد النزاع، فإن دلالة السمع علي علم الله تعالي وقدرته وإرادته وسمعه وبصره، كدلالته علي رضاه ومحبته وغضبه واستوائه علي عرشه ونحو ذلك، وكذلك دلالته علي عموم مشيئته وقدرته كدلالته علي عموم علمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>