للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجواب عنه من وجوه: الوجه الأول]

أن المقصود بيان أن الشرع يمكن معرفة صدقه بدليل عقلي لا يعارض موجب الشرع، وأما ما سوى ذلك من الأدلة فليس على الرجل أن يستدل بها، والشيء إذا علمت صحته بدليل عقلي لم يجب أن تعلم صحته بكل دليل، فقد تبين أنه يمكن الرجل أن يصدق بما أخبر به الشارع من أسماء الله وصفاته وأفعاله، كإثبات العلو لله، والصفات الخبرية، من غير أن يعارض ذلك ما يكون أصلاً للعلم بصحة السمع من الأدلة العقلية، فتكون المعارضة بتلك الطريق التي يقال إنها عقلية معارضة بطرق لا يتوقف العلم بصحة السمع عليها، فلا يلزم من تقديم الشرع عليها القدح في الأصل الذي به عرفت صحة الشرع، وهذا هو المطلوب.

[الوجه الثاني]

أن يقال: تلك الطرق التي لم تدل على صحة الشرع مطلقاً، وإنما دلت على صدق الشارع فيما يخبر عنه من غير الصفات والأفعال التي تنفيها تلك الطرق، وحينئذ فلا تكون دالةً على صدق الرسول مطلقا.

ومعلوم أن دليل الإيمان لا بد أن يدل على أن الرسول صادق في كل ما يخبر به مطلقاً من غير تقييد بقيد، فمتى كان الدليل إنما دل على صدقه بشرط أن لا يعارضه موجب ذلك الدليل، صار مضمونه أن الرسول مصدق فيما لا يخالفني فيه، وليس مصدقاً فيما يخالفني فيه.

ومعلوم أن هذا ليس إقراراً بصحة الرسالة، فإن الرسول لا يجوز عليه أن يخالف شيئا من الحق ولا يخبر بما تخيله العقول وتنفيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>